تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقال بعد الجزء السابق (أنه كان رجل صالح في بني إسرائيل , وله ابن طفل وله عجلة فأتى بها غيضة وقال: اللهم إني استودعتك هذه العجلة لابني حتى يكبر ومات ذلك الرجل , وصارت العجلة في الغيضة عواناً وكانت تهرب من الناس , فلما كبر ذلك الطفل , وكان باراً بأمه وكان يقسم ليله ثلاثة أجزاء يصلي ثلثاً وينام ثلثاً , ويجلس عند رأس أمه ثلثاً فإذا أصبح انطلق فيحتطب ويأتي به السوق فيبيعه بما يشاء الله فيتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويعطي أمه ثلثه , فقالت له أمه يوماً: يا بني إن أباك ورثك عجلة استودعها الله في غيضة كذا فانطلق وادع إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق أن يردها عليك وعلامتها أنك إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها , وكانت تسمى المذهبة لحسنها وصفرتها , فأتى الفتى غيضة فرآها ترعى فصاح بها وقال أعزم عليك بإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق , فأقبلت البقرة حتى وقفت بين يديه فقبض على قرنها يقودها (لباب التأويل1/ 71)

ومثل هذا الرجوع يقول عنه النقاد: إن الدلاله العامه التى تتنقلها الروايه تتحدد أساسا وفق الاشتغال المزدوج لمختلف مكوناتها اللغويه والسرديه والأسطورية التى تركز على التقابل والتحاور بين بنية الموت التى تنتمى الى الماضى وبنية الانبعاث التى تحدد آفاق المستقبل (عالم الفكر168).

وبالتالى فقد استخدم النموزج السينيمائى الموجود حاليا بكل ما ابتكروه من نظريات تنظم السرد والأحداث.


المثال الثانى
كما تعودنا أن يطالعنا الخازن ببنيات أفكاره الفزه التى تجعلنا نفتخر بتراثنا ونتحدى به كل الأفكار الغربيه والتى يعدونها من أهم المناهج لعمل الأديب كى نقول لهم أن العرب هم أسياد تلك الفنون وأول من أدلى بدلوه فيها.
يطالعنا الخازن فى تفسيره لأوائل سورة مريم كما عهدناه يحسن النظم والتأليف فنجده يراعى التسلسل من جانبه نعدما رسم له النص القرآني النقاط الواضحه من هذا التسلسل:
1:- سأل ذكريا ربه ولداً صالحاً يؤمنه على أمته ويرث نبوته وعلمه.
2:-بشارة الله لذكريا بالولد وجعل له آية ألا يكلم الناس ثلاث ليال.
3:-نزول يحيى للدنيا وأمر الله له بالتمسك بدينه ودعوت يحيى.
4:-ينتقل لمريم ويفصل حالتها عندما اعتزلت قومها.
5:-ظهور جبريل لمريم يبشرها بعيسى عليه السلام.
6:-حمل مريم بعيسى عليه السلام وموعد ولادته.
7:-المواجهة بين السيدة مريم وقومها.
8:-كلام عيسى عليه السلام فى المهد وبيان منهج رسالته. (انظر لباب التأويل4/ 246:238)
وبعد هذا العرض السريع لما تضمنه تفسير الخازن من نقاط جوهريه نجده يقسم الأحداث على أساس القصة الفنيه الحديثه من افتتاحيه للأحدث فى نطاق سردى والتى تتمثل فى ((أي هذا الذي نتلو عليك ذكر) رحمة ربك عبده زكريا (قيل معناه ذكر ربك عبده زكريا برحمته) إذ نادى (أي دعا) ربه (في المحراب) نداء خفياً (أي دعاء سراً من قيامه في جوف الليل , وقيل راعى سنة الله في إخفاء دعائه لأن الجهر والإسرار عند الله تعالى سيان , ولكن الإخفاء أولى , لأنه أبعد عن الرياء وأدخل في الإخلاص وقيل أخفاه لئلا يلام على طلب الولد زمن الشيخوخة وقيل خفت صوته لضعفه وهرمه يدل عليه قوله تعالى (قال رب إني وهن) أي رق وضعف (لباب التأويل4/ 238)
وهذه المقدمه لسرد الأحداث وربطها ببعضها فإذا قدمنا قوله (يرثني ويرث من آل يعقوب (أي ولياً ذا رشاد , وقيل أراد به يرث مالي ويرث من آل يعقوب النبوة والعلم , وقيل أراد به الحبورة , لأن زكريا كان رأس الأحبار (نفسه4/ 239) وجدناه يوافق الإنجيل (كان فى أيام هيرودس ملك إقليم اليهوديه ,كاهن اسمه زكريا من فرقة آبيا وامرأته من بنات هرون واسمها اليصابات. وكانا كلاهما بارين امام الله سالكين في جميع وصايا الرب واحكامه بلا لوم. ولم يكن لهما ولد إذ كانت اليصابات عاقرا وكانا كلاهما متقدمين في أيامهما
فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله حسب عادة الكهنوت اصابته القرعة ان يدخل الى هيكل الرب ويبخر وكان كل جمهور الشعب يصلّون خارجا وقت البخور. (إنجيل لوقا1). وكأنه قد اعتمد مصادر تلك الروايه من أهل الإنجيل.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير