تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي خضم الصراع الداخلي والخارجي الذي تعانيه الراوية /الساردة (عائشة) تتيح_ ومن ورائها الكاتب_ لشخوص روايتها الكلام للتعبير عن أنفسهم وعن آرائهم، ولكن عائشة لا تخضع لأفكارهم بل تبرز موقفها بجرأة فهي لا تؤمن إلا بتجربتها وذاتها، ولكنها تبدو منهارة- بسبب حبها- أمام رؤية إبراهيم لذاته (الدرزية) كما هي، فهي تضحي بالكثير من ثوريتها وعنفوانها فتتراجع عن خصامها له في كل مرة بقبلة أو بدونها انتصاراً لفكرة أسمى وهي كسر القيود الطائفية بين أبناء الشعب الواحد لتثبت الأحداث في نهاية الرواية استحالة اللقاء الجسدي (الزواج) بينهما ويظهر هذا جلياً في قول عائشة: "لا باس يوما ما سأكتب عني، وعنك وعن حبنا لأقول للدنيا ها نحن أبناء الشعب الممزق نعي نقصنا لكننا نحلم ونبني عالمنا من جديد، سأقول إننا لن نتنازل عن أي شيء من ثوريتنا إلا عن بعضنا وأضيف أن هذا التنازل يقول الكثير الكثير"

ويمكن تلخيص وجهة نظر الكاتب علاء مهنا لعنوان – مقدسية أنا – من خلال رد عائشة عليه عندما قرر الرحيل عن القدس: "في كل منا مقدسي بشكل ما القدس أكبر من أن نرحل عنها ولا نعود، إنها كل شيء , هنا عرفت نفسي واكتشفت الحقيقة، وإن كان هنالك قدر فاني اشكره على القدس شكراً فها أنا اعرف أن الدنيا ليست بخير على الإطلاق وعلى الأرجح لن تكون بخير"، وقد تمثلت القدس في الرواية بشخصية (عائشة) التي أحبها الكاتب وأحبته، " ف (عائشة) بمآسيها وتمردها كشفت له وجه الاحتلال القبيح، و عنصريته ومأساة الجدار ورجعية المجتمع، "وبجرأتها وعنادها خلخلت الذات المذكرة للكاتب (علاء مهنا) المتمثلة ب (إبراهيم) وكشفت له إشكاليات الطائفة الدرزية، فما لم يستطع قوله تجاه طائفته قالته عائشة بجرأة، ومن خلالها أخذ الكاتب يطرح أسئلة جديدة لخلق أفقٍ للواقع المشؤوم لتغييره إلى الأفضل".

ويبرز الكاتب من خلال شخصيتي داني وأحلام إمكانية التعايش بين العرب واليهود في دولتين متجاورتين بحب وسلام، ولكن هذا لا يتم إلا بعد إن تتنازل إسرائيل عن عنصريتها وصهيونيتها، وفلسطين ابنة خالها مسعود تبدو صوتاً مؤازراً لعائشة، ولعل الكاتب يلمح إلى أن فلسطين (الوطن والناس) عليهم السعي نحو التغيير مثل عائشة.

صورة اليهود في الرواية:

نظرة اليهود إلى العرب في الرواية:

تظهر الرواية عددا قليلاً من الشخصيات اليهودية، والسبب يعود إلى أن الرواية تسجل سيرة ذاتية، وتعالج بالأساس قضية الطوائف في المجتمع الفلسطيني، ولكن هذا لم يمنع من ظهور بعض الشخصيات اليهودية، خاصة في النضال الطلابي (العربي، اليهودي) المشترك في الجامعة العبرية وأماكن أخرى، فبعض هذه الشخصيات كان إيجابياً في نظرته للآخر العربي (الفلسطيني):

1 - فشخصية (داني):التي كان لها الحضور الفاعل في الرواية - تتكلم وتبرز موقفها بوضوح- داني شاب يهودي يرفض الاحتلال ويدعو إلى التعايش والمقاومة السلمية، جميل ذكي تعجب به كل فتيات الجامعة ويتمنينه وتربطه علاقة حب (قبل) بأحلام العربية، فعلى الرغم من أن والده قائد كبير في جيش الاحتلال إلا أنه يرفض الصهيونية ويقاتل مع العرب ضدها، ولهذا فهو يرفض التجنيد في الجيش ويسجن، داني يقود مظاهرة أمام الجامعة العبرية، و يشارك في جنازة (حامد) والد عائشة، ويقوم بإسعاف والدة عائشة بعد الجنازة، ويوجه الشبان المقاومين جيش الاحتلال القادم لهدم بيت عائشة.

2 - الدكتور (ج. ق) (جدا قدير) الذي كان حضوره قليلا جدا، أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية وهو مثال لليهودي الجيد المنصف لتاريخ العرب في القدس وفلسطين، رافض للعنصريةوالتطرف فهو في "بحوثه يشبه الصهيونية بسيئة الذكر وسيّدة المحارق، ويقول علناً: "إن أولاد مستوطني الخليل هم أشبه بشبيبة هتلر، ويقترح على الفلسطينيين إن يجعلوا من الجامعة العبرية سجناً بعد العودة لحدود 67م".

وهناك أصوات يهودية تنظر إلى الآخر العربي نظرة سلبية عنصرية وقد كان حضورها عابراً:

1 - السائق الذي طرد عائشة من السيارة عندما علم أنها من المتظاهرين ضد الاحتلال قائلا:" أأنت منهم إذن "

2 - ويظهر الخبر الذي بثه راديو جيش الاحتلال تبريراً لحادثة مقتل ثمانية عشر طفلا في غزة "الفلسطينيين إرهابيين والمتظاهرين ضد الحادثة مشاغبين "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير