تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

3 - وهنالك صوت طالب يهودي ينطلق في محاضرة الدكتور (ج. ق) عندما يحتج إبراهيم على كلام الدكتور الذي علق على روعة المسجد بقوله: " إنه تراثنا جميعا" فتضج القاعة فيصيح أحد الطلاب (حتيخات عرفي) أي شقفة عربي، وهذا الشعار يكشف عن نظرة تكاد تكون نمطية تجاه العرب بوصفهم بالخسة والغباء، ولكن هذا الصوت يدفع الدكتور (ج. ق) إلى إنهاء المحاضرة غاضبا من هذه العنصرية.

نظرة الشخصيات العربية إلى اليهود في الرواية:

تظهر الرواية صوراً متفاوتة لليهود، وهذا ليس غريباً. فزمان الرواية ومكانها ومضمونها (الطوائف) والظروف السياسية تترك أثرا كبيراً في رسم هذه الصورة، ولهذا نرى تفاوتا كبيراً في نظرة كل شخصية إلى اليهود، ولعل صوت عائشة الساردة يبدو الصوت الأبرز بين هذه الأصوات، عائشة التي تذوق المرارة تلو المرارة من الاحتلال فيقتل والدها وتعاني من مأساة الجدار، ويهدم بيتها،وتسجن، لكن عائشة تبدو قوية متمردة على الاحتلال وقيوده، لا تسلم له؛ فهي ترى أن اليهود جميعَهم صهاينة وأن بناءهم للجدار يدل على أن الجيتو لم يخرج من تفكيرهم، فهم يقومون بإذاقة الشعب الفلسطيني ما ذاقوه في جيتوهات النازية فتقول:" أما الاحتلال فلا يزال مرفوع الرأس، ينهي نصب الجدار ليجزم التاريخ أن الصهيونية خرجت من الجيتو لكن الجيتو لم يخرج منها بعد ".فاليهود منغلقون على أنفسهم يعيشون عقدة النقص، ويملؤون القدس كراهية وحقدا وقتلا، والخوف من الآخر دأبهم فهم لا يتوقفون عن طلب الاعتراف بهم وبحقهم في البلاد ولهذا يقومون ببناء الجدار."

وتبرز سخطها على الاحتلال (اليهود) بعد مقتل والدها (حامد) فتصفهم بالقتلة المجرمين فتقول: " أبناء عم من سلالة قابيل لا شان لهم، يرى الرب ما يفعلون بنا ويصمت، يسيرون على الأرض لهم الأمان أما نحن؟ نحن من يدفع الثمن، نحن لا شيء"، وترى إن اليهود لا يحبون العرب ويكرهونهم ولا يريدون السلام معهم بل يريدون مواصلة قمعهم والسيطرة عليهم بالقوة ولا يرون إلا أنفسهم في المكان؛ فتقول:" أبناء عمنا لا يضمرون لنا خيرا ولا يرون في شارعهم إلا واحداً أحداً يفرض عنجهيته، سلطة لا تحتمل النقاش " وتبرز صورة اليهود الذين يتسمون بالخبث فهم يستغلون الدروز ويستعملونهم للتضييق على الشعب الفلسطيني، ولخلق الكراهية بين الطوائف" فتقول لإبراهيم "ما عدت احتمل إن عالمك من جهة وعالمي من جهة أخرى، يضيقون علينا الخناق كل يوم ويستعملونكم بفرض ذلك"، وعائشة لا تؤمن بجدوى مقاومة الاحتلال بالطرق السلمية فالاحتلال لا يستجيب إلا بالكفاح المسلح ويظهر هذا جلياً في حوارها مع أحلام " كيف ألم يجعلهم الكفاح المسلح يخرجون من غزة؟ ... إذن لماذا أخرجوا ال8000 مستوطن من هناك؟ " وتصف عائشة الجنود الذين يقفون بالقرب من باب العمود بأنهم يشوهون مشهد القدس وبابها؛لأنهم غربيون عن المشهد لا يمتون إليه بصلة " كان باب العمود عادي الملامح يشوه نبضه بعض الجنود الذين يقفون دائما قرب الباب"، وتبرز عائشة كراهيتها لهم من خلال الأوصاف والشتائم التي توجهها للجنود والأحزاب الصهيونية المتطرفة، مثل:" لعن الله الاحتلال " و" وصحت به يابن الزانية " و" أولاد الكلب" و" وقلت لهم يا لهم من أغبياء "، كما تظهر تحرش الشباب العرب بالفتيات اليهوديات، فالفتاة اليهودية الجميلة في نظرهم تبدو محبة للجنس لا قيم لديها ويبدو ذلك عندما تحرش بعضهم بعائشة في باب العمود ظنا منهم أنها يهودية. "

ولكن الصورة السابقة لا نراها في جميع أحداث الرواية، ف (عائشة) التي تدرس في الجامعة العبرية و تعايش الأجواء الطلابية التي يلتقي فيها العرب واليهود تبدو متعايشة مع الواقع متغاضية عن احتفالهم بالذكرى الأربعين لاحتلال القدس: " كان أبناء عمنا يحتفلون بالذكرى الأربعين لاحتلال القدس. مشيت بين أجوائهم وعبرت ميدان صهيون، تضايقت قليلا لكني تغاضيت عن الأمر"، وهذا يدل على أن نظرتها لليهود يحكمها المكان والزمان والأحداث الجارية، فهي تتفاعل مع المواقف المختلفة وتتكيف معها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير