والملاحظ أن أبا هلال قد فصل بين مقومات تجمعها أواصر قرابة من شانها أن تكون أساسا لتوليد المعاني الثانوية فتظهر بذلك جزئياتها الصوت والإيقاع.
يعتبر العسكري من أوائل البالغين الذين اهتموا بالجانب الصوتي الإيقاعي في الأدب وخاصة وخاصة عندما ننظر إلى حديثه عن التوازن باعتباره قيمة أدبية كبيرة إضافة إلى حديثه عن الفصاحة باعتبارها صفة للألفاظ والصور الصوتية التي قدمها العسكري هي:
1 - التجنيس ورد الإعجاز على الصدور.
2 - الترصيع والتشطير والتطريز والسجع. وقد أضاف إليها (التشطير والتطريز والمجاورة) بعدما أخذ هذه الصور عن سابقيه.
الأخذ وتداول المعاني: التناص: هذا العنوان مأخوذ من ك لام العسكري ومن عنوان الباب السادس نفسه وهو الباب الذي خصصه لدراسة ما عرف فيما بعد بالرقاب.
الزاوية اللغوية: الأخذ ضرورة لغوية لأن المعاني نهائية وإنما تتكاثر بالتوالد وهو ليس الخلق من لا شيء.
الزاوية الاجتماعية والثقافية: تشير إلى وعي المؤلف ووعي علماء الشعر قبله بدور التفاعل الثقافي والتأثير الاجتماعي في تداول المعاني والأشكال وكيف أن البيئة الاجتماعية والطبيعية والثقافية تنشئ معاني متقاربة.
الزاوية الفنية الشعرية:
والتفسير من هذه الزاوية يكمل التفسير من الزاويتين السابقتين وتتجاوزه لتفسيره طبيعة الأخذ والمأخوذ .. ومن هنا لا تكون هناك خطورة لأخذ المعنى المبحر وما دام الاختلاف في الشكل (اللفظ) هو ما يميز الأدب. وعلى هذا الأساس رتبت مستويات الأخذ، وقد كانت نظرته نظرة علمية خلصت من شوائب الصراع عند القدماء والمحدثين الذي تحكم في أراء بعض النقاد الذين خاضوا غماره.
سؤال الشعرية في (نقد الشعر) لقدامة بن جعفر:-
الطابع البنائي:
أول ما يبدو في عمل قدامة هو انه نظر إلى الشعر نظرة بنائية: هناك مكونات قائمة وهناك صناعة لم تقم بعد لعدم وصف تلك المكونات وصفاً وظيفياً والمكونات هي:
1 - العروض والوزن.
2 - القوافي والمقاطع.
3 - الغريب واللفظ.
4 - المعاني والقصد.
وبقي وصفها الوظيفي وتركيبها تركيباً تفاعلياً وهو ما يشكل العلم بجيد الشعر ورديئة وهذه هي المهمة التي ندب قدامة نفسه لإنجازها وحين عرف الشعر تطرف إلى هذه المكونات: [قول موزون مقطعي يدل على معنى] لقد كان قدامة مستوعباً لمنطق أرسطو وللثقافة العربية الداثرة حول من القول التي ذكر أنها عرفت النضج من خلال ما ألف في اللغة والعروض والقوافي والمعنى والأغراض، واختار أن يسلك طريقة البناء من القاعدة.
التردد في تحديد المكون الشعري:
النسق الذي اعتمده قدامة نسق بنيوي شكلي يفتقر إلى تحديد المبدأ الشعري أو السر، لم يتطرق للمحاكاة الأرسطية ولم يسير في الطريق الذي شرعه الفلاسفة من شرح أرسطو.
ويكاد (التمثل) يعني صور الانزياح بالكناية والرمز: وهو أن يريد الشاعر إشارة إلى معنى فيضع كلاماً يدل على معنى آخر، وذلك المعنى الأخر والكلام مبنيان عما أراد أن يشير إليه.
المبحث الثاني: الخلفيات المذهبية للمشاريع البلاغية
(بلاغة وطبيعة المكان)
أشرن سابقاً: إلى أهمية قضية الخلاف حول كلام الله، وأشرنا إلى أنه ربما يكون ذلك الخلاف هو السبب في تسمية الجدل في الدين (بعلم الكلام) وبقطع النظر عن التفاصيل والتأويلات الجانبية، المعتزلة والخوارج والرافضية إن القرآن كلام الله وإنه مخلوق لله، وقد كان هذا الموقف المبالغ في التجسيد محرجاً لأهل السنة القائلين بعدم القرآن ولذلك اجتهدوا في تحديد موقف بين الرأيين.
ثم اجتهد كل من الفريقين في إثبات وجهة نظره ودحض رأي الخصم اعتماداً على معطيات من علاقة اللغة بالفكر، وفي هذا الامتداد التقط البلاغيون في القرن الخامس خيط الكلام ليبنوا عليه تصورين بلاغيين متعارضين هما الفصاحة والبلاغة.
ا/ البلاغة في الأصوات:
للربط بين نهاية علم الكلام وبداية البلاغة نود مناقشة ابن سنان للأساس المذهبي لبلاغته، فهي مهمة بما تصرح به، ومهمة بما تشير إليه مما هو خفي أو مخفي. ومن جملة القضايا التي مهد بها ابن سنان لمبحث الفصاحة الحديث عن طبيعة الكلام فهذه القضية التي لا يبدو لنا اليوم ونحن نناقش المقترحات البلاغية والنقدية أنها تثير في حد ذاتها نقاشاً في بناء تصورات البلاغية.
¥