ديننا أن الكائنات وجدت بطريق الخلق المباشر بهيئاتها وأوصافها الموجودة الآن لم تتغير ولم تتبدل ولم تتطور من حال لحال كما يقود بذلك المقال.
ونص آخر أرى فيه جرأة على دين الله تعالى حيث يقول: (لا أعتقد ذلك، حيث أن الأرض مرت بعصور مختلفة، عصور حارة وعصور باردة وعصور ارتفع فيها نسبة غاز كذا وعصور ارتفع فيها غيره) والعصور التاريخية التي يعتبرها صاحب المقال مسلمات يجب أن لا نناقشها، هي من أكاذيب ومفتريات علماء التطور كذبها ونقضها جمع من العلماء علاوة على تعارضها مع ما آمنا به مما أخبرنا به ديننا الحنيف.
إنّ مزاعم الماديين في نظرياتهم المؤدية لإنكار الخلق والخالق قد استندت في قواعدها الأساسية على قواعد تبنوها فكانت حجر الأساس لنظرياتهم الكافرة، وما أحسب من يتبناها من أبناء المسلمين ويروج لها إلا أنّهم مهاويس قد يخرجهم اصرارهم عليها للخروج من ملة الاسلام فليحذروا غضب الله وليحذروا الوقوع في الكفر.
?لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.? النور 63
و" الاختيار الطبيعي " أو "الانتخاب الطبيعي " هو إحدى نقاط الاستناد التي يستند إليها التطوريون. والانتخاب الطبيعي يعني أن الأحياء التي لا تستطيع مقاومة المصائب الطبيعية المختلفة وكوارثها كالسيول والزلازل تنقرض وتزول من مسرح الحياة، ولا يبقى هناك إلا الأحياء القوية المقاومة للظروف الطبيعية المختلفة.
أنا لا أدري أولاً علاقة هذا الأمر بالتطور، ولا أدري بأي نسبة يمكن أن يكون مرتبطاً به. لأنه لا يوجد أي دليل أو أمارة بأن أي نوع من أنواع الأحياء التي بقيت بعد الكوارث قد غير نوعه. ومع أنه يشار إلى أن أنواعاً معينة من الأحياء قد انقرضت، إلا أن متحجرات هذه الحيوانات المنقرضة لم تظهر للوجود كأنواع جديدة، كما أن الأحياء القوية التي بقيت سالمة بعد الكوارث لم تطفر إلى أنواع أعلى. ثم إنه يوجد داخل كل نوع من الأنواع على الدوام أفراد أقوياء وأفراد ضعفاء، وهما يعيشان معاً جنب لجنب. ولله سبحانه وتعالى حكم عديدة ومدهشة ضمن القوانين التي أودعها في حياة الحيوانات عندما جعل بعض الحيوانات ضعيفة، والأخرى قوية في النوع الواحد أو في القطيع الواحد.
إن تغذي بعض الأنواع باللحم يؤدي إلى تشكل سلسلة من الغذاء في الطبيعة، وبهذه الواسطة يستمر التوازن البيئي في الطبيعة بكل كماله. ولو لم يحدث هذا، أي لو لم يكن هناك في قطيع الغزال أي غزال يستطيع الأسد أو النمر صيده، أو لو كان جميع أفراد نوع ما قوياً، لكانت النتيجة أن يموت كل أنواع الحيوانات المفترسة التي تتغذى على اللحم، ولتكاثرت الحيوانات الأخرى على حسابها، ولفسد التوازن البيئي من أساسه. لذا فإن مشاهدة مثل هذه الحادثة وكون الحيوانات الضعيفة طعماً لأحياء أخرى هو من أجل بقاء هذه الأحياء.
ويجب هنا التنبيه على ما يأتي: عندما يُقضى على الأفراد الضعفاء في جيل من الأحياء فلا يعني هذا أن الأجيال القادمة ستكون قوية، ففي كل جيل يوجد الضعفاء جنباً إلى جنب مع الأقوياء. وعندما يكون الضعفاء والمتقدمون في السن والذين لا يتكيفون مع القطيع طعماً للحيوانات المفترسة فإن حياة القطيع تستمر.
انطلاقاً من هذا يقترف التطوريون والذين يؤلهون الطبيعة جناية كبرى عندما يأخذون مثالاً واحداً أو حادثة واحدة ويجعلونها شاملة لجميع حياة الأحياء فيصورون الحياة وكأنها عبارة عن صراع وعراك. فهم يعدون أن الغاية الوحيدة من الحياة هي محاولة الأحياء الاستمرار في الحياة، والحصول على الغذاء من أجل تحقيق هذه الغاية. وعندما يقوم التطوريون والماديون وعبّاد الطبيعة بتقييم حياة الإنسان أيضاً على نفس النحو فهم يقدمون ذريعة للأقوياء للبقاء على حساب الضعفاء، ويرون في هذا حقاً طبيعياً لهم، كما يقدمون الحياة وكأن الغاية الأساسية منها هي الأكل والشرب والتناسل. وهذا يؤدي إلى قطع التعاون بين الناس وبين الأمم والشعوب، ويجعل استغلال الإنسان شيئاً مشروعاً ولا غبار عليه، فينزعون عن الإنسان جميع قيمه السامية، وينزل به إلى درك الحيوان
¥