تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الألفة واستمالة النفوس من أجل ما جبل الله عليه خلقه وطبعهم من اختلاف الأخلاق، وقد قال النبي r: ( مداراة الناس صدقة) [137] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn137). وعرّفنا في هذا الحديث أن سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام إقامة ميلهن عن الحق، فأراد تقويمهن عدم الانتفاع بهن وصحبتهن لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن أقمتها كسرتها)، ولا غنى بالإنسان عن امرأة يسكن إليه ويستعين بها على معايشه ودنياه، فلذلك قال عليه الصلاة والسلام: (إن الاستمتاع بالمرأة لا يكون إلا بالصبر على عوجها) ... قال المهلب: (الوصاة بالنساء يدل على أنه لا يستطاع تقويمهم على ما سلف في الحديث قبل هذا الباب، وإنما هو تنبيه منه عليه الصلاة والسلام وإعلام بترك الاشتغال بما لايستطاع، والتأنيس بالاجر بالصبر على ما يكره، وفي هذا الحديث أنه يجب أن تتقي عاقبة الكلام الجافي والمقاومة، والبلوغ إلى ما تدعو النفس إليه من ذلك إذا خشي سوء عاقبة، وإن لم يخش ذلك فله أن يبلغ غاية ما يريدمما يحل له الكلام فيه. قال الحافظ [138] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn138): قوله: (المداراة): هو بغير همزة بمعنى المجاملة والملاينة، وأما بالهمز فمعناه المدافعة، وليس مراداً هنا ... ووقع لنا بلفظ المداراة من حديث سمرة رفعه: (خلقت المرأة من ضلع، فإن تقمها تكسرها فدارها تعش بها) [139] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn139). وقوله:) وفيها عوج)، بكسر العين وفتح الواو بعدها جيم للأكثر وبالفتح لبعضهم، قال أهل اللغة: العوج بالفتح في كل منتصب كالحائط والعود وشبهه، وبالكسر ما كان في بساط أو أرض أو معاش أو دين. ونقل ابن قرقول عن أهل اللغة أن الفتح في الشخص المرئي والكسر فيما ليس بمرئي. وقال القرطبي [140] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn140): بالفتح في الأجسام وبالكسر في المعاني، وهو نحو الذي قبله. وانفرد أبوعمرو الشيباني فقال: كلاهما بالكسرومصدرهما بالفتح. قوله: (فانهن خلقن من ضلع)، بكسر الضاد المعجمة و فتح اللام وقد تسكن، وكأن فيه اشارة الى ما أخرجه ابن إسحاق في (المبتدأ). عن ابن عباس (إن حواء خلقت من ضلع آدم الأقصر الأيسر وهو نائم). وكذا أخرجه ابن أبي حازم وغيره من حديث مجاهد، وأغرب النووي فعزاه للفقهاء أو بعضهم فكان المعنى أن النساء خلقن من أصل خلق من شيء معوج، وهذا لايخالف الحديث الماضي من تشبيه المرأة بالضلع، بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه وأنها عوجاء مثله لكون أصلها منه، وقد تقدم شيء من ذلك في كتاب (بدء الخلق). قوله: (وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه). ذكر ذلك تأكيداً لمعنى الكسر، لأن الإقامة أمرها أظهر في الجهة العليا، أو إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن، ويحتمل أن يكون ضرب ذلك مثلا لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانها وهو الذي يحصل منه الأذى، واستعمل (أعوج). وإن كان من العيوب لأنه أفعل للصفة وأنه شاذ، وإنما يمتنع عند الإلتباس بالصفة فإذا تميز عنه بالقرينة جاز البناء. قوله: (فإن ذهبت تقيمه كسرته): الضمير للضلع لا لأعلى الضلع، وفي الرواية التي قبله (إن أقمتها كسرتها). والضمير أيضاً للضلع وهو يذكر ويؤنث، ويحتمل أن يكون للمرأة، ويؤيده قوله بعده: (وإن استمتعت بها)، ويحتمل أن يكون المراد بكسره الطلاق، وقد وقع ذلك صريحاً في رواية سفيان عن أبي الزناد عند مسلم: (وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها). قوله: (بالنساء خيراً): كأن فيه رمزاً إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه فيستمر على عوجه ... فيؤخذ منه أن لا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها أو ترك الواجب، وإنما المراد أن يتركها على اعوجاجها في الأمور المباحة. وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب. وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمهن فاته الانتفاع بهن مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال: الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير