وَجَادِلْ عَنْ الْمَلْعُونِ فِرْعَوْنَ إذْ طَغَى * * * فَأُغْرِقَ فِي الْيَمِّ انْتِقَامًا بِغَضْبَةِ
وَكُلَّ كَفُورٍ مُشْرِكٍ بِإِلَهِهِ * * * وَآخَرَ طَاغٍ كَافِرٍ بِنُبُوَّةِ
كَعَادٍ ونمروذ وَقَوْمٍ لِصَالِحِ * * * وَقَوْمٍ لِنُوحِ ثُمَّ أَصْحَابِ أَيْكَةِ
وَخَاصِمْ لِمُوسَى ثُمَّ سَائِرِ مَنْ أَتَى * * * مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مُحْيِيًا لِلشَّرِيعَةِ
عَلَى كَوْنِهِمْ قَدْ جَاهَدُوا النَّاسَ إذْ بَغَوْا * * * وَنَالُوا مِنْ الْمَعَاصِي بَلِيغَ الْعُقُوبَةِ
وَإِلَّا فَكُلُّ الْخَلْقِ فِي كُلِّ لَفْظَةٍ * * * وَلَحْظَةِ عَيْنٍ أَوْ تَحَرُّكِ شَعْرَةِ
وَبَطْشَةِ كَفٍّ أَوْ تَخَطِّي قَدِيمَةٍ * * * وَكُلِّ حَرَاكٍ بَلْ وَكُلِّ سَكِينَةِ
همو تَحْتَ أَقْدَارِ الْإِلَهِ وَحُكْمِهِ * * * كَمَا أَنْتَ فِيمَا قَدْ أَتَيْتَ بِحُجَّةِ
وَهَبْكَ رَفَعْتَ اللَّوْمَ عَنْ كُلِّ فَاعِلٍ * * * فِعَالَ رَدًى طَرْدًا لهذي الْمَقِيسَةِ
فَهَلْ يُمْكِنُ رَفْعُ الْمَلَامِ جَمِيعِهِ * * * عَنْ النَّاسِ طَرًّا عِنْدَ كُلِّ قَبِيحَةِ؟
وَتَرْكُ عُقُوبَاتِ الَّذِينَ قَدْ اعْتَدَوْا * * * وَتَرْكُ الْوَرَى الْإِنْصَافَ بَيْنَ الرَّعِيَّةِ
فَلَا تُضْمَنَنْ نَفْسٌ وَمَالٌ بِمِثْلِهِ * * * وَلَا يُعْقَبَنْ عَادٌ بِمِثْلِ الْجَرِيمَةِ
وَهَلْ فِي عُقُولِ النَّاسِ أَوْ فِي طِبَاعِهِمْ * * * قَبُولٌ لِقَوْلِ النَّذْلِ مَا وَجْهُ حِيلَتِي؟
وَيَكْفِيكَ نَقْضًا مَا بِجِسْمِ ابْنِ آدَمَ * * * صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكُلِّ بَهِيمَةِ
مِنْ الْأَلَمِ الْمَقْضِيِّ فِي غَيْرِ حِيلَةٍ * * * وَفِيمَا يَشَاءُ اللَّهُ أَكْمَلُ حِكْمَةِ
إذَا كَانَ فِي هَذَا لَهُ حِكْمَةٌ فَمَا * * * يُظَنُّ بِخَلْقِ الْفِعْلِ ثُمَّ الْعُقُوبَةِ؟
وَكَيْفَ وَمِنْ هَذَا عَذَابٌ مُوَلَّدٌ * * * عَنْ الْفِعْلِ فِعْلِ الْعَبْدِ عِنْدَ الطَّبِيعَةِ؟
كَآكِلِ سُمٍّ أَوْجَبَ الْمَوْتَ أَكْلُهُ * * * وَكُلٌّ بِتَقْدِيرِ لِرَبِّ الْبَرِيَّةِ
فَكُفْرُكَ يَا هَذَا كَسُمِّ أَكَلْتَهُ * * * وَتَعْذِيبُ نَارٍ مِثْلُ جَرْعَةِ غُصَّةِ
أَلَسْتَ تَرَى فِي هَذِهِ الدَّارِ مَنْ جَنَى * * * يُعَاقَبُ إمَّا بالقضا أَوْ بِشِرْعَةِ؟
وَلَا عُذْرَ لِلْجَانِي بِتَقْدِيرِ خَالِقٍ * * * كَذَلِكَ فِي الْأُخْرَى بِلَا مَثْنَوِيَّةِ
وَتَقْدِيرُ رَبِّ الْخَلْقِ لِلذَّنْبِ مُوجِبٌ * * * لِتَقْدِيرِ عُقْبَى الذَّنْبِ إلَّا بِتَوْبَةِ
وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَتَابِ لِرَفْعِهِ * * * عَوَاقِبَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ الْخَبِيثَةِ
كَخَيْرِ بِهِ تُمْحَى الذُّنُوبُ وَدَعْوَةٍ * * * تُجَابُ مِنْ الْجَانِي وَرَبِّ شَفَاعَةِ
وَقَوْلُ حَلِيفِ الشَّرِّ إنِّي مُقَدَّرٌ * * * عَلَيَّ كَقَوْلِ الذِّئْبِ هذي طَبِيعَتِي
وَتَقْدِيرُهُ لِلْفِعْلِ يَجْلِبُ نِقْمَةً * * * كَتَقْدِيرِهِ الْأَشْيَاءَ طَرًّا بِعِلَّةِ
فَهَلْ يَنْفَعَنْ عُذْرُ الْمَلُومِ بِأَنَّهُ * * * كَذَا طَبْعُهُ أَمْ هَلْ يُقَالُ لِعَثْرَةِ؟
أَمْ الذَّمُّ وَالتَّعْذِيبُ أَوْكَدُ لِلَّذِي * * * طَبِيعَتُهُ فِعْلُ الشُّرُورِ الشَّنِيعَةِ؟
فَإِنْ كُنْتَ تَرْجُو أَنْ تُجَابَ بِمَا عَسَى * * * يُنْجِيكَ مِنْ نَارِ الْإِلَهِ الْعَظِيمَةِ
فَدُونَكَ رَبُّ الْخَلْقِ فَاقْصِدْهُ ضَارِعًا * * * مُرِيدًا لِأَنْ يَهْدِيَكَ نَحْو الْحَقِيقَةِ
وَذَلِّلْ قِيَادَ النَّفْسِ لِلْحَقِّ وَاسْمَعَنْ * * * وَلَا تُعْرِضَنْ عَنْ فِكْرَةٍ مُسْتَقِيمَةِ
وَمَا بَانَ مِنْ حَقٍّ فَلَا تَتْرُكَنَّهُ * * * وَلَا تَعْصِ مَنْ يَدْعُو لِأَقْوَمِ شِرْعَةِ
وَدَعْ دِينَ ذَا الْعَادَاتِ لَا تَتْبَعَنَّهُ * * * وَعُجْ عَنْ سَبِيلِ الْأُمَّةِ الْغَضَبِيَّةِ
وَمَنْ ضَلَّ عَنْ حَقٍّ فَلَا تَقْفُوَنَّهُ * * * وَزِنْ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ بالمعدلية
هُنَالِكَ تَبْدُو طَالِعَاتٌ مِنْ الْهُدَى * * * تُبَشِّرُ مَنْ قَدْ جَاءَ بِالْحَنِيفِيَّةِ
بِمِلَّةِ إبْرَاهِيمَ ذَاكَ إمَامُنَا * * * وَدِينِ رَسُولِ اللَّهِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ
فَلَا يَقْبَلُ الرَّحْمَنُ دِينًا سِوَى الَّذِي * * * بِهِ جَاءَتْ الرسل الْكِرَامُ السَّجِيَّةِ
¥