تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أبو زرعة: كنت سمعت رجاء الحافظ حين قدم علينا فحدثنا عن علي بن المديني، عن هشام بن معاذ عن أبيه عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال: (نهى النبي ? أن يطرق الرجل أهله ليلا) فأنكرته، ولم أكن دخلت البصرة بعد، فلما التقيت علي سألته، فقال: من حدث بهذا عني مجنون، ما حدثت بهذا قط، وما سمعت من معاذ بن هشام هذا)

وروى طلق بن غنام عن شريك وقيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ? (أد الأمانة إلى من أئتمنك، ولا تخن من خانك)

قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول طلق بن غنام هو ابن عم حفص بن غياث، وهو كاتب حفص بن غياث، روى حديثا منكرا عن شريك وقيس ... ، قال أبي ولم يرو هذا الحديث غير.

وروى محمد بن حرب الأبرش عن عبيدا لله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله ? (ليس من البر الصيام في السفر)

سئل عنه أبو حاتم فقال: هذا حديث منكر، وقال مرة: لم يروه عير محمد بن حرب

وأخرج النسائي عن يزيد بن سنان عن مكي بن إبراهيم عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: (متعتان كانتا على عهد رسول الله ? أنهى عنهما وأعاقب عليهما، متعة النساء ومتعة الحج)

ثم قال النسائي: هذا حديث معضل لا أعلم رواه غير مكي، وهو لا بأس به، لا أدري من أين أتي؟)

في أشياء كثيرة من هذا القبيل، سيأتي منها في المبحثين التاليين.

وقد يعترض على ما تقدم بأن توقفهم في تفرد الراوي إذا كان ثقة أو في حكمه يحتمل أن يكون ذلك مع المخالفة، فيخالف الراوي غيره ممن هو أوثق منه أو يخالف جماعة فيصل مرسلا، أو يرفع موقوفا،ونحو ذلك.

والجواب:

أن استنكار حديث الراوي ورده بسبب المخالفة كثير جدا أيضا، ولكن ليس هو المقصود هنا، فهذا له شأن آخر، وأما المقصود هنا فهو تفرد الراوي دون مخالفته لغيره، فلم يصل مرسلا، أو يرفع موقوفا، أو يبدل راو بآخر، بل تفرد بالإسناد أصلا، والأمثلة التي سقتها كلها بهذه المثابة حسب ما يظهر من كلام النقاد.

أما الاتجاه الثاني الذي يسير فيه كلام النقاد وتصرفاتهم فهو أنه قد اشتهر عنهم الاهتمام بكتابة الغرائب التي يسمونها الحسان والفوائد والطرائف، قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن محمد بن الحسن الو اسطي، الذي يقال له المزني، قال: ليس به بأس ... ، وقد حدثتكم عنه، كتبت عن إسماعيل ـ يعني ابن أبي خالد ـ أحاديث غرائب، كتبت عنه أول سنة انحدرت إلى البصرة، ولم ألقه في السنة الثانية، وكان قد مات.

وقال عبد الله أيضا: قدمت الكوفة سنة ثلاثين ومئتين، فعرضت عليه أحاديث أبي بكر بن أبي شيبة عن شريك، فقال: عند أبي بكر بن أبي شيبة أحاديث حسان، غرائب عن شريك، لو كان هاهنا سمعنا منه

وقال حميد بن زنجوية لعلي بن المديني: إنك تطلب الغرائب فأت عبد الله بن صالح، واكتب عن معاوية بن صالح تستفد منه مئتي حديث

وسأل ابن أبي حاتم أبا زرعة الرازي عن معاوية بن عبد الله الزبيري، فقال: لا بأس به، كتبنا عنه بالبصرة، أخرج إلينا جزءاً من حديثه، فانتخبت منه أحاديث غرائب وتركت المشاهير

ولشدة اهتمام النقاد بهذا النوع من الأحاديث فقد اشتهر عندهم تخصيص كتاب أو جزء، يجمع فيه النقاد ما يمر من هذا النوع , وفوق ذلك أن النقاد قد صححوا من الأحاديث الغريبة غرابة مطلقة أونسبية شيئا كثيرا، وفي الصحيحين من ذلك قدر كبير، وأول حديث في صحيح البخاري، وآخر حديث فيه هو الغريب المطلق.

وهذان الاتجاهان في موقف النقاد من التفرد لا يتعارضان فالنهي عن كتابة الغريب إنما ذلك ما يأتي عن الضعفاء ومن دونهم، فالأمر كما قال الخطيب: والغرائب التي كره العلماء الاشتغال بها، وقطع الأوقات في طلبها، إنما هي ما حكم أهل المعرفة ببطوله، لكون رواته ممن يضع الحديث، أو يدعي السماع، فأما ما استغرب لتفرد راويه به، وهو من أهل الصدق والأمانة، فذلك يلزم كتبه، ويجب سماعه وحفظه).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير