تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[واجب الأمة نحو حملة دينها؛مع أفضل أناس بعد الأنبياء (الصحابة والعلماء)]

ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[17 Apr 2005, 01:30 ص]ـ

الحلقة الخامسة

الخليفة الأول (الصديق رضي الله عنه 3)

في الحلقة السابقة تم العرض لبعض الجوانب من حياة الصديق مع النبي صلى اله عليه وسلم من حديث طويل حوى كثيرا منها وفي هذه الحلقة يُتبع العرض لبعض تلك الجوانب: فمنها خوفه على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ومن الأمثلة على ذلك؛ وضع قدمه على منفذ في الغار لعله جحر دب تخوف أن يخرج منه ما يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ففداه بنفسه ... ومنها استدامة التفاته أثناء الطريق وهما يغذان السير من مكة إلى المدينة عند هجرتهما؛ فقد كان يتلفت إلى كل جانب وأحيانا يسبق خوفا من الرصد وأحيانا يتأخر قليلا خوفا من أن يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم ما يكره؛ لقد كان الوضع الأمني حرجا جدا كيف لا يكون حرجا وقد رصدت قريش جائزة كبرى لمن يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم حيا أو ميتا ... وعليك أن تتخيل ذلك الموقف. ومنها خوفه عليه من الشمس حيث كان يظلله منها عند اشتدادها ...

وفي الحديث الآتي يظهر لنا بعض الجوانب من مكانة أبي بكر رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وسلم فإنه شهد له بتصديقه حين كذبه الناس وواساه بماله ونفسه عند ما خذله الناس، ومنها صفاء قلبه على المسلمين وسرعة إعادة الصفا إلى ما كان إذا حدث ما يؤثر عليه، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاثا بالمغفرة وقد جاء الحديث على النحو الآتي وقد حرصت على مجيء الأحاديث مسندة لبيان ميزة السند في وصول الحديث سليما من الجهالة في السند ما يؤثر في النص فالسند من الدين وهو نطام علمي عالمي لا يستطيع أحد ممن يحترم العلم والعقل أن يرده:

حدثني هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبيد الله عن عائذ الله أبي إدريس عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال كنت جالسا عند النبي e إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي e أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال إني كان بيني وبين بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر فقالوا لا فأتى إلى النبي e فسلم فجعل وجه النبي e يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي e إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها (

[1]

وفي الحديث الآتي يظهر مكانته في الحب بين الأصحاب في سؤال عمرو بن العاص رضي الله عنه أي الناس أحب إلأيك فقال:عائشة قال من الرجال قال أبوها وقد جاء في سبب سؤال عمرو أنه قال لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبش في وجهي حتى ظننت أني أحب الناس إليه فسألته طمعا وتأكدا مما أجده في الناس فما يزال يذكر غيري حتى سكت خوفا لئلا أجد نفسي في مؤخرة الركب في هذا. وهو يدل على ترتيب الصديق في نفس النبي صلى الله عليه:

حدثنا إسحاق أخبرنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذاء عن أبي عثمان أن رسول الله e بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل قال فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة قلت من الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عمر فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم [2]

وهنا لفتة وهي حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وحسن استقباله للناس وبشاشته وابتسامه مما يجعل المستقبل له يحبه ويقبل على ما جاء به عليه الصلاة والسلام.

والحديث الآتي يدل على شهادة النبي صلى الله عليه وسلم على تقواه وورعه وإخلاصه لله تعالى وبعده عن الصفات التي لا تليق مثل الخيلاء وكفى بها شهادات من المعصوم صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن النبي e قال من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة قال أبو بكر يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي e لست ممن يصنعه خيلاء [3]

هذه الجوانب حرصت أن تكون من أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى لتكون أوقع في النفس في التذكير بمكانة أعظم رجل بعد النبي صلى عليه وسلم.

يتبع


[1]- صحيح البخاري 3/ 1239رقم [3461]. وانظر: التجريد 2/ 56.

[2]- المرجع السابق 4/ 1584. رقم 4100. وكذلك التجريد نفس الجزء والصفحة.

[3]- المرجع السابق 5/ 1812رقم 5447. وكذلك التجريد نفس الجزء والصفحة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير