[مختارات 83 فقه التغيير]
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[26 Jun 2005, 05:27 م]ـ
تحت عنوان (اصنعوا التاريخ من مواقعكم المختلفة وتصدروا موكب الشهود الحضاري) يكتب الأستاذ أحمد القمميري * فيقول:
لندرك جميعا أن لحظات السقوط هي بداية الإقلاع وبداية الارتفاع وبداية التغيير الحقيقي وأن في رحم مرحلة السقوط ينشأ جنين الانبعاث الجديد.
لقد واجهت الأمة تحديات استهدفت كيانها من الأساس وبنيانها من القواعد، عاشت صراعا مريرا وعنيفا مع المستعمر ثم مع فئة التغريب، الفئة التي تغربت واستسلمت للغازي وقد جاءت دول ما بعد الاستقلال فكرست الوجود الاستعماري وكرست الظلم والاستبداد والفرقة.
خرجنا بدول تبحث عن مشاريع تجزئة الدولة القطرية والدعوى إلى إنشاء كيانات شبيهة بالكنتونات التي كانت موجودة في لبنان، كل مجموعة تعمل لها دولة، دولة الدولة تجزئة التجرئة.
هذا جانب وبالمقابل هناك جانب آخر مشرق، فقد خرجت الأمة من هذا الصراع الذي عانت منه بمسألة جوهرية وهي إثبات هويتها العقائدية والثقافية، الأمة اليوم أعلنت بطريقة وبأخرى، بتكتلاتها المختلفة ولافتاتها المتعددة بأنه لا يمكن لهذه الأمة أن يكون لها مقوماتها وكينونتها وشخصيتها المستقلة ولها القدرة على الظهور في الألفية الثالثة ومواجهة الثقافات العالمية التي تجاوزت الحدود والجغرافية إلا أن تكون الهوية الإسلامية محور الأمة العربية والإسلامية محور الأمة العربية والإسلامية وقطب رحاها، وبالتالي فإن مسألة إثبات أن الإسلام هو عنصر الحياة والحيوية لهذه الأمة صارت قضية محسومة وإنجاز يحسب لكل الذين ساهموا في تحقيقه من داخل الحركة الإسلامية أو من خارجها على حد سواء.
وليس مطلوبا منا أن نظل ندندن بأن الإسلام هو الحل وبأن الإسلام هو الذي يحافظ على هذه الأمة ... طبعا لا يعني بحال أن هذا الكلام سهل وبسيط هذه حقائق على مستوى العقيدة أن نقول أن الإسلام هو الحل، فالأمة اليوم سلمت قيادها الفعلي لهذا الدين، لهذا الهدى المنزل من عند الله.
ولكن ماذا بعد وقد سلمنا بهذه المقولة وهذه الفكرة؟
ما هو المطلوب منا وما هو المنتظر؟
هل نظل نمدح هذه الفكرة ونثني عليها؟ هل نظل نقدح في الآخر وندينه ونحاكمه؟
هل نظل نقلب في صفحات الماضي القريب والبعيد لنثبت للأمة أحقية هذا المنهج؟
صحيح أنه ينبغي أن تضل ذاكرة الأمة حية في تجاربها المريرة حتى لا تنسى وحتى لا يلعب بهذه الذاكرة مرة أخرى ينبغي أن نحافظ عليها ولكن لا نقف عندها طويلا.
جيل التمكين لا جيل إثبات الهوية
إذا ما هو المطلوب منا اليوم ونحن نلج إلى قرن جديد وإلى مرحلة جديدة وإلى تحولات كونية هائلة؟ وهي تحولات لسنا في مكان قصي عنها وليست منا ببعيد، إننا نعيش في مركز التأثير والتأثر، في عصر القرية الكونية التي أصبحت بدهيه من بدهيات هذا العصر وحقيقة من حقائقه، والتي لا يمكن أن نغفل عنها أو أن نتجاوزها أو نقفز عليها.
وهو أمر يتطلب منا أن ننظر إلى تحت أقدامنا وأن نتحسس مواقعنا ثم نستشرف مستقبلنا.
ولكن ما هي الفئة العمرية التي يمكن أن ترسم من الراهن ومن اللحظة التي نحن فيها مستقبل ومصير هذه الأمة؟ إذا لم يكن الشباب فمن سيكون؟
هل تلك العناصر التي قد شاخت وعاشت التجارب المحبطة والمنكسة؟
هل تلك العناصر المسكونة بروح التجارب الفاشلة من جهة واستصغار نفسها وقدراتها أمام هذه التحديات الجديدة من جهة أخرى؟
لا .. لا يمكن أن تواجه التحدي الجديد إلا نفسيات جديدة خرجت من الارتهان لهذا الواقع المؤلم والحالك والبائس ... لا يمكن أن يواجه هذا المستقبل إلا نفسيات تحررت من موروثات الماضي والعيش فيه والتحاكم إليه والدندنة حول قضاياه.
ولن يكون هناك مثل الشباب أقدر وأجدر على القيام بهذا الدور المنتظر.
وإذا وعوا وأدركوا هذا الدور فسيكونون نقطة تحول فارقة في حياة أمتهم.
¥