تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مختارارت (81) هموم دعوية]

ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[15 Jun 2005, 08:22 م]ـ

[مفهوم الدعوة العامة]

الدعوة "المنسية المهملة"! *

رغم أنها من المفروض أن يطلق عليها: "الدعوة الأساسية الإجبارية .. المؤثرة المثمرة".

فهي "منسية" من الداعي غالبا لخطأ في فهمه، إذ هو قد يعتبر الدعوة إلى الله وإلى إسلامه لا تكون إلا في المسجد فقط، وعن طريق الخطب والدروس والمواعظ فحسب.

وهي "مهملة" غالبا منه .. إما لظنه بعدم جدواها، إذ هو لن يؤثّر فيهم، أو هم قد اعتادوا عليه؛ وهو يعلم – بحكم موروثه القديم - المثل القائل: "زامر الحي لا يُطرِب"، سواء أكان صوابا أو خطأ .. وإما لتوتر العلاقات فيما بينه وبينهم لخلافات أسرية عائلية بسبب من الأسباب، والتي يعتبرها عادية بين كل الأسر والعائلات .. وإما لكونه كان بعيدا عن دينه من قبل وكانوا يعلمون خلقه السيئ السابق فهم فاقدون للثقة فيه .. وإما لصغر سنه بالنسبة لهم فيصعب عليه توجيه من هو أكبر منه سنا ومقاما .. أو نحو ذلك من الأسباب التي تُقعد الداعي عن دعوة أهله.

رغم أنها دعوة "أساسية إجبارية" ..

لأنها من الفروض؛ لأن الله تعالى يقول: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، ويقول: (اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل).

ولأنها أمر يستطيعه كل من أراد أن يدعوا .. فالاستطاعة متوفرة، بل مؤكدة، لأن الداعي لا يبذل جهدا كبيرا، فهو لا ينتقل مثلا من مكان لآخر حيث الذين يدعوهم موجودين بصورة طبيعية "إجبارية" حوله، بل في بيته!! ومتعايشين معه لفترات تطول أو تقصر، ولا يبذل مشقة في التعرف عليهم أو التمهيد للحديث أو التعامل معهم، لأنه سيقابلهم كلهم أو بعضهم بقصد أو بغير قصد على الأقل مرة يوميا أو حتى يوما بعد يوم في أصعب الأحوال، فكل الأجواء مهيّئة، بل أحيانا لا يبذل حتى وقتا! لأنه قد يستخدم مثلا إفشاء السلام لتوصيل بعض أخلاقيات الإسلام سريعا.

ولأنها تدريب للداعي على دعوة الآخرين خارج البيت .. فإذا كان ناجحا معهم فسينجح غالبا في الخارج .. مع جيرانه وبقية أقاربه وأنسابه وزملائه، لأنه بدعوة أهله سيكتسب الخبرة والثقة، وسيساعدونه ولا يعوقونه .. أما إن فشل معهم وهو الذي جزء منهم وهم جزء منه، فإن فرص نجاحه مع غيرهم أقل، إلا استثناءًا .. وسيكون أول ما يصدمه أقوال الآخرين علنا أو سرًا: كيف تدعونا ولم تدع أهلك بعد؟! بل وأنت الفاشل في دعوتهم! أصلحهم قبل أن تصلحنا! أتعالجون غيركم وأنتم الذين تحتاجون إلي علاج؟! أتطفئ نيران الآخرين والنار في بيتك؟!

وهي دعوة "مهمة مؤثرة" .. لأن جهودها قليلة ونتائجها كبيرة، فالداعي مع المدعوين الآخرين يستغرق جهودا تحضيرية كثيرة من أجل التعرف عليهم وتعرفهم عليه وثقتهم فيه وحبهم له وإعداد مداخل للحديث أو للتعامل معهم، ويبذل في ذلك جهودا مالية وصحية ووقتية وذهنية وغيرها .. أما مع أسرته والأقارب والأنساب، وأيضا الجيران، وأيضا زملاء عمله ودراسته، فكل هذه الخطوات قبل دعوتهم قد اختصرت، إذ التعارف قائم، بل وثيق، وحنين وحب ورابطة الدم والقرابة الفطري موجود وغالبا ما يكون في ازدياد، وصور التعامل طبيعية وكثيرة من خلال ظروف حياتهم التي تجمعهم والتي من السهل توصيل أخلاقيات الإسلام بما يناسب في كل موقف من مواقفها .. ثم الداعي من المفترض أنه معروف وموثوق فيه لديهم من سابق التعامل معه وكونه قدوة في تعاملاته، ومن المفترض أنه يعرف صفاتهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية ومشاكلهم وما يفرحهم وما يحزنهم ونحو ذلك مما يمهد لحسن دعوتهم.

أخي الحبيب؛

إن وسائل دعوة الأسرة - وكذلك العائلة والأقارب والجيران والزملاء - كثيرة ومتنوعة ويصعب حصرها .. وسنذكر لك بعضها لتكون مجرد تفتيح للأذهان، ثم تبتكر أنت وكل داع ما يناسب الظروف والأحوال والبيئات والأشخاص كبيرهم وصغيرهم، ومن هذه الوسائل:

1 - القدوة والحب:

وهذه وحدها قد تكفيك! ولا تتعجب، فهي كانت الوسيلة الكبرى للرسول صلي الله عليه وسلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير