[صفوة الأمة بعد الأنبياء 27]
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[23 Aug 2005, 06:27 م]ـ
من فضلك شارك في إرسال هذه الحلقات لتنال أجر الذب عن الصحابة والعلماء الربانيين؛ ولن يضيع عند الله شيء ما دامت النية خالصة له سبحانه ...
[الصحابة والعلماء الربانيون هم حملة ديننا إلى أن تقوم الساعة، من حاول النيل منهم فهو يسهم في هدم الدين، و ذلك دليل على أنه يمارس ما يمارسه بدون روية ولا تفكير،،ويهرف بما لا يعرف، وتخفى عليه غاية ونتيجة ممارسته، أو أنه مغرض وعدو لهذا الدين العظيم وإلا فما فائدة النيل من أولئك العظماء الأفذاذ المصلحين، الذين ضحوا بالغالي والرخيص من أجل هذا الدين حتى أوصلوه ويوصلوه إلينا نقيا صافيا وقد أفضى من مات إلى ما قدم والله يتولى أمره]
الحلقة السابعة والعشرون
شخصية فذة
عندما يقرر الباحث نتيجة ما فإنه يقترب من الواقع والحقيقة لكن غير الباحث وهو يقرر نتيجة ما فإنه غالبا ما يجانب الواقع والحقيقة وقوة الشخصية وضعف الشخصية من المصطلحات التي تزل فيها ألسنة وتتقول فيها بغير علم.
فما هي الشخصية القوية كما حددها النبي صلى الله عليه وسلم ومدى مطابقتها في الصديق؟
لقد كان الصديق حييا، هادئا، بكاء حين يتلو كتاب الله تعالى، رحيما، لكنه في المواقف الحرجة والصعبة قويا، شجاعا، فولاذا من الحديد، وقف تلك المواقف العظيمة عندما تردد أناس وهو يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويصدقه في أحلك الظروف وأقساها،كليلة الإسرى والمعراج ... لم يتخلف في غزوة واحدة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان يفتديه بنفسه ... وكان مما قاله: إن هلكنا نحن فإن الأمر يهون لكن إذا هلكت أنت يا رسول الله فمن يسد مكانك!
وبعد أن لحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى وقف الصديق تلك المواقف العظيمة إزاء الردة، وذهول الناس لموت النبي صلى الله عليه وسلم، وإنفاذ جيش أسامة، و ... فهل الصديق رضي الله عنه ذا شخصية قوية؟!! هذه صفاته التي تجلت عمليا وتطبيقا ميدانيا، فماذا عن تحديد الشخصية القوية من خلال النصوص الشرعية ولا شك أنها كثيرة وسأسوق أوضحها وأشدها اختصارا؛
قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما حدثنا يحيى بن يحيى وعبد الأعلى بن حماد قالا كلاهما قرأت على مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)
وفيما حدثنا قتيبة بن سعيد وعثمان بن أبي شيبة واللفظ لقتيبة قالا حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما تعدون الرقوب فيكم قال قلنا الذي لا يولد له قال ليس ذاك بالرقوب ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا قال فما تعدون الصرعة فيكم قال قلنا الذي لا يصرعه الرجال قال ليس بذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب)
قال النووي في شرح الحديث (وكذلك تعتقدون أن الصرعة الممدوح القوي الفاضل هو القوي الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم وليس هو كذلك شرعا بل هو من يملك نفسه عند الغضب فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل من يقدر على التخلق بخلقه ومشاركته في فضيلته بخلاف الاول)
فهذا الحديث حدد صفة الشخصية القوية وهي التي تتماسك وقت الغضب. والصفة السلبية التي نفاها النص الكريم من الشخصية القوية وهي القوة الجسمية التي بها يصرع الناس ... ووردت نصوص كثيرة تدل على هذا المعنى. وبهذا نستطيع القول أن أقوى شخصية بعد الأنبياء من الناس هي شخصية الصديق رضي الله عنه وأرضاها وثمرة هذه المعرفة أن يتمثلها المؤمن في شخصيته بعد أن تكون شخصية النبي صلى الله عليه وسلم هي التي يبتغيها المؤمن ليتمثلها في حياته، وباختصار شديد الشخصية القوية هي شخصية النبي صلى الله عليه وسلم ثم شخصية أبي بكر رضي الله عنه، ومن أرد أن يقف على معالم تلك الشخصيتين فليتتبع السير ة النبوية والشمائل المحمدية،وسيرة الصديق.
ومن البدهي أن الجسم القوي في الشخصية القوية ذات المواصفات في المنهج الإسلامي صفة مدح ولكن المحضور أن تكون مقوما للشحصية القوية وتنسى المقومات الأساسية، أو أن يكون هذا الشديد لا يملك إلا هذه الصفة وهو قدرته على صرع الآخرين ...