تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

خاصة دونه ([22]).

المسألة الثانية: من أقوال المفسرين في هذه الآية الكريمة

دارت أقوال أكثر المفسرين في تأويل هذه الآية الكريمة على بيان معنى يخدعون و يخادعون، وتنزيه الله سبحانه وتعالى أن يتحقق فيه معنى المخادعة، ومنهم من جوَّز ذلك من حيث اللغة، ومنهم من قال هذا مجاز والمراد يخدعون عباد الله ورسله ([23])، وفسَّر الإمام العكبري ([24]) رحمه الله تعالى أوجه القراءات الواردة في هذه الآية الكريمة حيث قال: ”) وما يخادعون (أكثر القراءة بالألف وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين وهي على ذلك هنا؛لأنهم في خداعهم ينزلون أنفسهم منزلة أجنبي يدور الخداع بينهما فهم يخدعون أنفسهم وأنفسهم تخدعهم. وقيل المفاعلة هنا من واحد كقولك سافر الرجل وعاقبت اللص. ويقرأ) يخدعون (بغير ألف مع فتح الياء ... وأنفسهم نصب بأنه مفعول وليس نصبه على الاستثناء لأن الفعل لم يستوف مفعول له قبل إلا “ ([25]).

المسألة الثالثة: أثر القراءات في التفسير

إن الجمع بين أوجه القراءات القرآنية الواردة في هذه الآية الكريمة يكشف النقاب عن حقيقة نفسية المنافقين وسفه عقولهم وذلك من عدة أوجه؛ الأول منها أنهم يحاولون خداع الله سبحانه وتعالى المطلع على السرائر الذي لا تخفى عليه خافية ولا يكون ذلك منهم مرة واحدة بل يخادعون مرّة بعد مرّة مستمرين في هذا العمل وحقيقة الأمر أنهم في كل مرة يحاولون مخادعة الله إنما يخادعون فيها أنفسهم وهذا ما بيَّنته القراءة الأولى) وما يخادعون (، والوجه الثاني أنهم يديمون مخادعة أنفسهم وفي هذا بيان لسخف عقولهم؛ فالذي يكذب على نفسه مرة بعد مرة إنما هو سفيه لا عقل له يردعه عن مثل هذه الفعلة. والوجه الثالث هو تحقيق خداعهم لأنفسهم، أي أن ثمرة المخادعة الطويلة تكون بتحقق انخداع أنفسهم بزيف أقوالهم وهذا ما تظهره القراءة الثانية) وما يخدعون (، وتشير هذه القراءة أيضا إلى سفاهة عقول المنافقين فهم كالذي يكذب كذبة فيصدقها، وهذه سفاهة ما بعدها سفاهة.

المبحث الثالث: قوله سبحانه وتعالى

) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ((36:البقرة).

المسألة الأولى: القراءات الواردة في هذه الآية

تنوعت أوجه الأداء في قوله تعالى) فأزلهما (من حيث إثبات الألف وحذفها على ما بيَّنه أهل الاختصاص، يقول ابن خالويه: ” قوله تعالى) فأزلهما (يقرأ بإثبات الألف والتخفيف، وبطرحها والتشديد. فالحجة لمن أثبت الألف أن يجعله من الزوال والانتقال عن الجنة، والحجة لمن طرحها أن يجعله من الزلل وأصله فأزللهما فنقلت فتحة اللام إلى الزاي فسكنت اللام فأدغمت للمماثلة “ ([26]).

وبيَّن ابن مجاهد أصحاب كل وجه فقال: ” قرأ حمزة وحده فأزالهما بألف خفيفة، وقرأ الباقون) فأزلهما (مشددة بغير ألف “ ([27]).

المسألة الثانية: من أقوال المفسرين في هذه الآية الكريمة

تكاد تتفق مناهج المفسرين في بيان معنى هذه الآية الكريمة وإن تنوعت ألفاظهم بذلك، ولعلمهم أن معنى الآية الكريمة يعتمد على القراءات الواردة فيها راحوا يفسرون معنى أزَلَّ و أَزَالَ، ويبيّنون كيفية تحقق هذا الأمر وحقيقته. وفي ذلك يقول الإمام القرطبي -رحمه الله-: ” قرأ الجماعة) فأزلهما (بغير ألف من الزلة وهي الخطيئة أي استزلهما وأوقعهما فيها. وقرأ حمزة) فأزالهما (بألف من التنحية أي نحاها يقال أزلته فزال ... من الزوال أي صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية. قلت-القول للقرطبي- وعلى هذا تكون القراءتان بمعنى إلا أن قراءة الجماعة أمكن في المعنى ([28]) ... وليس للشيطان قدرة على زوال أحد من مكان إلى مكان إنما قدرته على إدخاله في الزلل فيكون ذلك سببا إلى زواله من مكان إلى مكان بذنبه. وقد قيل إن معنى أزلهما من زل عن المكان إذا تنحى فيكون في المعنى كقراءة حمزة من الزوال ... فأخرجهما تأكيد وبيان للزوال إذ يمكن أن يزولا عن مكان كانا فيه إلى مكان آخر من الجنة وليس كذلك إنما كان إخراجهما من الجنة إلى الأرض “ ([29]).

المسألة الثالثة: أثر القراءات في التفسير

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير