تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتفسر السيوطي أحد أنواع التفاسير المختصة بالمأثور المنقول عن النبي (والصحابة والتابعين، وقد ذكر الإمام ابن تيمية رحمه الله في "مقدمة في أصول التفسير"، أن النبي (بيَّن لأصحابه معاني القرآن، كما بيَّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى: (لتبيِّن للناس ما نُزِّل إليهم (. (النحل: 44). يتناول هذا وهذا. وكان الصحابة الكرام كعثمان وابن عباس وغيرهما إذا تعلموا من النبي (عشر آيات، لم يجاوزوها حتى يتعلموا مافيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً. ولابن عباس تفسير للقرآن، وكان يلقب بحبر الأمة وترجمان القرآن، ببركة دعاء النبي (بقوله: "اللهم فقِّهه في الدين، وعلمه التأويل"، ونقل الصحابة علوم القرآن لمن بعدهم من التابعين، ونقل هؤلاء تلك العلوم بدورهم إلى من بعدهم. فتكوَّن من حصيلة تلك النقول أصل التفسير، أو ما سمي بعدئذٍ التفسير بالمأثور، الذي كان إمام المفسرين ابن جرير الطبري أول من صنف فيه تفسير الشهير بـ"جامع البيان في تفسير القرآن".

كتاب السيوطي في مجال التفسير والتأويل:

إن علم التفسير: علم يبحث عن معنى نظم القرآن المؤدي إلى معرفة الأحكام الشرعية بحسب الطائفة البشرية، وعلى وفق ما تقتضيه الأصول الشرعية والقواعد العربية، وهو قسمان: تفسير وتأويل، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل في المعاني، كتأويل الرؤيا، كما ذكر الراغب الأصفهاني في مقدمة جامع التفاسير (1).

1 ـ التفسير: هو ما لا يدرك إلا بالنقل والرواية، كأسباب النزول، وهو مقصود على السماع؛ فما بُيّن في الكتاب والسنة يسمى تفسيراً، وليس لأحد أن يتعرض له باجتهاد ولا غيره؛ لأنه من باب الرواية، فهو قطع وشهادة على أن الله تعالى عنى بهذا اللفظ هذا المعنى، وأحسن طرق التفسير كما ذكر العلماء كابن تيمية في أصول التفسير، وغيره: أن يفسر القرآن بالقرآن، فإن لم يوجد فبالسنة النبوية، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قال الإمام الشافعي رحمه الله: كل ما حكم به رسول الله (، فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: (إنا أنزلنا الكتاب بالحق، لتحكم بين الناس بما أراك الله، ولا تكن للخائنين خصيما (. (النساء: 105). وقال تعالى: (وأنزلنا إليك الذِّكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم، ولعلهم يتفكرون ((النحل: 44). وقال النبي (، فيما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه: (إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه (.

وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم، كالخلفاء الراشدين وعبد الله بن مسعود، والحبر البحر عبد الله بن عباس، ابن عم النبي (، وترجمان القرآن، كما تقدم، وأعلم الناس بالتفسير أهل مكة؛ لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد وعطاء وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم.

وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا عند الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبير، فإنه آية في التفسير، وكسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، و الحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم. وقد أبان السيوطي في كتابه:"الإتقان في علوم القرآن" (2/ 1197 وما بعدها)، طريق التفسير المأثور على النحو السابق.

2 ـ التأويل:

بيان المعاني بطريق الاجتهاد والاستنباط بالرأي المقبول شرعاً، المتفق مع أصول الشريعة ومقاصدها العامة وروح التشريع، ويكون بترجيح أحد المحتملات بالدليل بلا قطع ولا شهادة على أنه مراد الله تعالى، ويعرَّف بأنه ما استنبطه العلماء العاملون بمعاني الخطاب الإلهي، فهو من باب الدراية لا الرواية، ولذا اشترط في التأويل أن يكون المفسر: عالماً في اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع وعلم القراءات وأسباب النزول، والقصص القرآنية، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، وأصول الدين، وأصول الفقه، والسنة النبوية، ومسائل الإجماع والقياس وأركانه وشرائطه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير