تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والتفسير بالرواية: هو التفسير المأثور وهو ما جاء في القرآن أو السنة أو كلام الصحابة، بياناً لمراد الله تعالى من كتابه، والتفسير بالدراية: هو التفسير بالرأي، وتفسير السيوطي هذا تفسير بالمأثور كما تبين لدينا، وقد أُلِّفت فيه تفاسير كثيرة جمعت من أقوال الصحابة والتابعين ومن أشهرها وأولها تفسير ابن جرير الطبري، ومن أحسنها تفسير بقيّ بن مخلّد، قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره لا تفسير ا بن جرير، ولا غيره، وقال السيوطي في الإتقان (2/ 1203): وتفسير ابن عطية، وأمثاله أتبع للسنة، وأسلم من البلاغة، ولو ذكر كلام السلف المأثور عنهم على وجهه: لكان أحسن، فإنه كثيراً ما ينقل من تفسير ابن جرير الطبري.

والتأويل أو التفسير بالرأي نوعان، محمود ومذموم، والمذموم: هو تفسير القرآن بمجرد الرأي المحض من غير دليل شرعي، وهو حرام، لما أخرجه الطبري عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار" لكنه ضعيف. وفي حديث ضعيف آخر أخرجه الترمذي: "من قال في القرآن برأيه، فأصاب، فقدأخطأ".

ومن التأويل المستكره: تخصيص لفظ عام ببعض مشتملاته من غير حجة ولا برهان مثل قوله تعالى: (وإن تظاهرا عليه، فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين (. (التحريم: 4). حمله بعض الناس على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقط. ومثل قول من زعم أن الحيوانات كلها مكلَّفة، محتجاً بقوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير (. (فاطر: 34). وقوله تعالى: (ومامن دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم (. (الأنعام: 38). فدلَّ بقوله: (إلا أممٌ أمثالكم (. أنهم مُكلفون كما نحن مكلفون. ونحو تأويل قوله تعالى: (يوم يُكشَفُ عن ساق ((القلم: 42). بالاعتماد على حديث مزوّر أو موضوع، قائلاً: عنى به الجارحة، وكالاستعانة باستعارات واشتقاقات بعيدة، كما قال بعض الناس في البقر: إنه إنسان يبقر عن أسرار الهرم". وفي الهدهد: "إنه إنسان موصوف بجودة البحث والتنقير".

أما التأويل العلمي أو التفسير بالرأي المحمود: فهو توضيح معاني القرآن الكريم بالاعتماد على قوانين اللغة العربية وقواعد الشريعة الإسلامية، كما بينا سابقاً في شروطه، فيصبح مقبولاً لاعتماده على أسس صحيحة وقواعد وأصول ثابتة شرعاً. وقد نقل السيوطي عن الزركشي في البرهان خلاصة هذه الضوابط، وهي أربعة ذكرها في كتابه "الإتقان في علوم القرآن 2/ 124":

1 ـ النقل عن الرسول (نقلاً صحيحاً.

2 ـ الأخذ بقول الصحابي.

3 ـ الأخذ بمطلق اللغة ومراعاتها الاصطلاحات الشرعية.

4 ـ الأخذ بمقتضى الكلام المتبادر الذي يدل عليه قانون الشرع، وهذا النوع هو الذي دعا به النبي (لابن عباس، رضي الله عنه، في قوله: "اللهم فقِّهه في الدين، وعلمه التأويل".

والخلاصة: إن التفسير بالرأي المقبول شرعاً إعمال للعقل والفكر الذي أمر به الله تعالى في آيات كثيرة منها: (ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم (. (النساء: 83). ومنها: (أفلا يتدبرون القرآن، أم على قلوب أقفالها (. (محمد: 24). ومنها: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب (. (سورة ص: 29). وهو داخل فيما يجوز للنبي (من الاجتهاد فيما لم يوح إليه فيه، وهو رأي ابن تيمية والشوكاني وغيرهما.

وبالرغم من أن الإمام السيوطي أقر بالتفسير بالرأي المحمود، فإنه التزم في تفسيره منهج التفسير بالمأثور، فكان بحق مرجعاً غنياً بما جاء فيه من روايات كثيرة في مجال تفسير مفردات الألفاظ، أما التأويل الذي يستعمل أكثره في الجمل كما أبان الراغب الأصفهاني فيحتاج إلى التفسير بالدراية أو بالرأي العلمي الموضوعي المقبول شرعاً، وهو ما لا يعرض فيه شيء من التأويلات البشعة السابق ذكرها، نحو قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار (، (الأنعام: 103). هل هو من بصر العين أو من بصر القلب؟ ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير