تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

**************************

انت حر!!

وتنبثق من مفهوم الفردية، قيمة مهمة هي: الحرية الشخصية، بل لعلها نفسها، ولكنها غلفت وعلبت وأطلق عليها إسم الحرية الشخصية، تحولت لتصير قيمة سلوكية تشكل ربما السمة الأهم والأبرز للحياة الغربية ..

بالتأكيد، الفردية هي مصدر هذه الحرية الشخصية. مبدأ أنك فرد وهذا هو الشيء أهم شيء يستوجب أن تكون حراً في تصرفاتك، وأن يكون الآخرون أحراراً أيضاً. ذلك جزء من تفردهم عنك ومن تفردك عنهم، وتلك الحرية الشخصية ستجعل منافستك لهم ومنافستهم لك أكثر سخونة، وستجعل من صراع البقاء أكثر حيوية وتدافعاً، وهذا كله سيسرع من عملية الإنتقاء الإجتماعي التي ستنتج مجتمعاً أفضل وأكثر كفاءة وأصلح (من الناحية البرغماتية .. ).

تشكل الحرية الشخصية بهذا المنظور ضمانة إستمرار مذهب الفردية متكرساً ومتجذراً وعميقاً في نفسه، الفرد الذي تطبع بحضارة الفردوس المستعار ..

(أذكر الآن كم كنا سذجاً ونحن نبتلع طعم "الحرية الشخصية" .. عبر وسائل الإعلام والأدب والأقلام. أنا حر، أنا حرة، أنا حر، أنا حرة. كررنا ذلك حتى صدقناه. ونظرنا إليهم بإعجاب خفي أو معلن وهم يمارسون حريتهم "الشخصية". ولم نعلم أنهم يمارسون "فرديتهم"! يمارسون مذهباً كان يعد بغيضاً وذميماً وظل يعتبر أنه وسيلة لهدم المجتمع لقرون طويلة .. إلى إن جاءت أمريكا .. ).

(و يرتبط مفهوم الفردية مباشرة بمفهوم الديمقراطية الذي ازدهر في عموم الغرب –و الربط واضح فأن يصبح الفرد مشرعا لنفسه يعني ان اكبر عدد من الافراد يتفقون على شئ واحد سيملكون حق التشريع للمجتمع بغض النظر عن اي شئ آخر)

( ... وأتأمل في الفرق الكبير بين مفهوم "الحرية الشخصية" النابع من مذهب الفردية، وبين مفهوم "الحرية الإنسانية" في الحضارة الإسلامية النابع من الجدل حول مسؤولية الإنسان عن أعماله .. ).

**********************

انت اهم شخص في حياتك .... !

تقول لك الفردية، دون أن تقول، تهمس في أذنيك، وأحياناً تصرخ فيهما، تقول لك" ليس لك إنتماء في هذا العالم، سوى لذاتك. ليس من إنتماء لمجتمع، أو لأمة، أو لقيم، ليس لك إلا ذاتك، تنتمي لها. وتحقق ذاتك من خلال تحقيقها، تنغمس فيها، إنها عالمك الحقيقي- عالمك الواقعي- الذي ليس هناك حيقيقة واقعة خارج حدوده."

"أنت أهم شخص في حياتك “ You are the most important person in your life” يقول لك علماء النفس وأطباؤها ومعالجوها، يقنعونك بذلك.

فأنت أصلاً، كأنسان، لديك هذه النزعة، نزعة "الانا"، وهم سيتكفلون بتنميتها وتأصيلها وتكريسها أكثر فأكثر: كن نفسك Be yourself، حقق المزيد من إحترام لذاتك Improve your self esteem، إقبل بنفسك Accept yourself.

وسيكون كل ذلك معناه شيئاً واحداً، سواء تحقق عبر وسائل الإعلام، أو عبر جلسات العلاج النفسي .. شيئاً واحداً هو أن تقبل ذاتك دون أي تغيير. إقبل نفسك كما هي. لن يكون للعلاج هدفاً في التغيير أو التحوير. فأنت هو أنت. وكل ما يجب أن يحدثه العلاج هو أن يساعدك بقبول ذاتك كما هي. لا داعي للتغيير، لا داعي للعلاج، أن تكون شاذاً (مثلياً أو فيتشياً أو مازوشياً أو سادياً)، شيء لا يستوجب التغيير .. إنه أنت! .. وما عليك سوى أن تنظر الى نفسك كما هي، وتقبل حقيقة أنك أهم شخص في حياتك ..

إنها مذهب الفردية، ذلك الثابت والركن الثاني في حضارة الفردوس المستعار، تلك النزعة الأساسية عند ذلك الآدم الأمريكي، الآدم الجديد، .. وتحولت مع الوقت لتصير جزءً من نمط الحياة اليومية ومن الوصايا العشر للحضارة الأمريكية!! Live and let live.

****************

النرجسية المغلفة ..

تكرس هذه الفردية أيضاً سواء شعرنا بذلك أو لم نشعر، نوعاً من إفتتان المرء بذاته، نوعاً من الهوس المرضي يمارسه كل فرد تجاه تفاصيل تتعلق بمظهره وكل ما يتعلق بشخصه وحياته الخاصة ..

يتحول الأمر الى نرجسية ينزلق إليها الفرد، نوع من الوله المبالغ به يوجهه الشخص الى ذاته, ومن خلال هذا الوله والإفتتان تنتظم كل علاقات هذا الفرد بالآخرين. العلاقة التي ستصب في إزدياد هذا الإفتتان بالذات، سيتقبلها الفرد ويحتويها، بالعكس من أي علاقة تعكر صفو هذا الإفتتان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير