نعم، حضارة الفردية الامريكية ستتحول بالتدريج الى حضارة النرجسية و ستروج لأفتتان الفرد بذاته كنوع وحيد من علاقة الفرد الصحية بذاته.
****************
يتبع
... من كتاب"الفردوس المستعار و الفردوس المستعاد"
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[16 Dec 2006, 09:08 ص]ـ
الفردوس المستعار - الحلقة الثانية- عرض الشيخ معاذ الخطيب
فتش عن المال
[ربما لن يتصور أحدنا أن يكون وراء السلوك الذي يتصرفه عالم كامل من الأفكار والرؤى والسلوكيات، بل دين يستولي عليه ويسكن روحه دون أن يحس، وفي كلمة هذا الشهر نتابع الحديث عن كتاب الفردوس المستعار والفردوس المستعاد للطبيب المفكر الأستاذ أحمد خيري العمري، وقد سبق في كلمة الشهر الماضي (انظرها في الأرشيف لطفاً) أن تحدثنا عن ركني المادية والفردية في الدين الأميركي، واليوم نتحدث عن الركن الثالث وهو رأس المال].
من الطبيعي إذا التقت المادية مع الفردية أن يبرز الركن الثالث من الدين الأميركي وهو (رأس المال) وقد تعودنا على التعامل معه كمواجه للشيوعية المقبورة، دون أن نفكر أننا سنواجه إعصاراً هائلاً لم نكن مستعدين له وكنا نبشر بأجزاء منه دون أن نعلم خطورته وقصة ولادته.
كان الفكر الاقتصادي مقيداً بكنز الذهب والفضة، ولما كانت تلك الثروات محدودة مهما كبرت، فقد نشبت النزاعات، وكان سبب اكتشاف أميركا الأول البحث عن المزيد من الذهب، وازداد مخزون اسبانية منه [كما برز رصيدها من التوحش والهمجية والتدمير للحضارات بشكل غير مسبوق وهو الشيء الذي ستتممه الحضارة الأميركية لاحقاً] وازداد التضخم فانتهت اسبانية كقوة اقتصادية ثم عسكرية.
وجاء آدم الاقتصادي الجديد الذي قلب كل المفاهيم الاقتصادية السائدة، وهو آدم سميث الاسكوتلندي المولود عام 1703 صاحب كتاب (ثروة الأمم)، وكان رأيه أنه يجب ترك السوق حرة وهي ستنظم نفسها تلقائياً لوسمح للأفراد أن يعملوا لمصلحتهم الخاصة دون عوائق، كما أن وسائل الإنتاج سواء كانت أراض أو ثروات طبيعية أو مصانع يجب أن يمتلكها الأفراد! وبالتالي فإن مصلحتهم الخاصة هي المحرك لهم والربح ثم الربح هو عمود المسألة كلها.
الأرباح الخاصة ستعود على المجتمع بالنفع أيضاً، وبدأ البساط يسحب من تحت أقدام الإقطاعيين ومُلاك الأراضي ليصبح السيد فيها أصحاب البنوك والمصانع والسياسيين البورجوازيين.
واجهت نظرية سميث تحديات كبيرة ولكنها صمدت ثم كانت لها الغلبة وأصبح الجميع (يسار ويمين ووسط) يتحدثون عن فضائل اقتصاد السوق.
تتحدث الرأسمالية [وبمكر] عن عدم التدخل في السوق عندما تربح، وتتخلى عن عدم التدخل جزئياً إذا كان الأمر سيزيد من أرباحها في المرحلة التالية.
أعجب أمر في كتاب سميث [الاقتصادي الصرف] أن يتحدث عن عالم الغيب عندما قال أن هناك يداً خفية! ( invisible hand) تقوم بتنظيم أحوال السوق ... وتلك اليد الخفية تقوم بتحويل عمل الأفراد الذين يهدفون إلى مصلحتهم الذاتية فحسب، إلى مصلحة المجتمع! ولم تكن تلك الكلمة شطحة فقد كررها مرات، وصار هناك من يكتبها بالأحرف الكبيرة أي ( Invisible hand) ولم يكن مصادفة أن بعض الموسوعات العلمية تشير إلى آدم سميث على أنه نبي الرأسمالية!! [انظر على سبيل المثال: Adam Smith;capitalism\\\\\\\\\\\\\\\'s prophet by Robert L.Formanini (RePEc:fib:feddei:y:2002:n:v:7no1) ].
قد يُظن أن الدين في حضارة الفردوس المستعار ليس سوى أمر مادي، ولكن لا بد من شيء ما غيبي المصدر فالعقيدة و (الإيديولوجيا) وحدها لاتصنع ديناً وإلا لصارت الشيوعية أو الديمقراطية ديناً!
ويبدو أن الحد الفاصل بين (الإيديولوجيا) والدين هو عالم الغيب ... شيء خفي، تماما مثل اليد الخفية! وتلك اليد الخفية والغيبية جعلت من الرأسمالية ديناً، وله مسميات أخرى [وكما نقول عن الإسلام أنه دين الفطرة ودين التوحيد] فإن للدين الرأسمالي مرادفات مثل: دين الاقتصاد، ودين السوق!
¥