تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مليارات البشر يضعون نصب أعينهم الفردوس المستعار، فردوس النمو والرفاهية، ولابد لكل دين من إيمان وتضحية لذا لابد أولاً من الخضوع لليد الخفية التي تحرك السوق فهي الأدرى والأبعد نظراً، وثانياً: لابد من الصبر والتحمل لمشاق الطريق [أعرف أخاً هاجر إلى الولايات المتحدة منذ ثلاثين عاماً وكان لديه نقود يمكن أن يبدأ بها مشروعاً متواضعاً يكفيه هنا، ولكنه ذهب يبحث عن الفردوس، ولم تبق مهنة لم يزاولها، وهو الآن شحاذ تماماً، وطالما قلت له لايوجد ضرورة لسفرك، وأن تعمل في كناسة القمامة في بلدك خير لك من أن تعيش شحاذاً في وطن غريب عنك فلم يلتفت إلى ذلك وسمعت أنه يفكر بالرجوع بعدما فنيت حياته هناك في غسل الصحون .... وهناك آخرون صاروا أصحاب ملايين وشهادات، ولكنهم خسروا أولادهم ... وآخرون خسروا أنفسهم! وقال لي احدهم: هل تحرم السفر؟ فقلت له: إذا استجمعتَ ظروفه الشرعية فسافر! فقال: وماهي؟ فقلت له: أن يكون لك دين حقيقي تعيشه في كيانك وروحك ثم في حياتك ما استطعت، فهو الضمان الوحيد لبقائك، وإلا التهمك الدين الجديد حتى دون أن تدري!!).

وثالثاً: ينبغي القبول بما يجري لأن الرأسمالية قانون كوني [قدر] لا سبيل لتغييره! ومن يعترض فهناك محاكم تفتيش جاهزة التهم، بداية من الاعتداء على الحق الخاص وانتهاء بالأصولية والإرهاب!

مفهوم الحرية الشخصية انتهى منذ أصبحت بضعة شركات احتكارية هي المشرع الحقيقي للقوانين الأميركية، ثم صارت مبادئ تلك الشركات هي مبادئ أميركة كلها، وعبر محامين قديرين فإن حرية تلك الشركات الاحتكارية المرعبة هي بعينها الحرية الفردية التي يكفلها الدستور [ويقدسها كل مواطن أميركي صالح].

الملاحظ أنه كلما كان هناك تدخل اقتصادي أصيب النمو بالتراجع، وكلما ازدهر عدم التدخل ازداد النمو الاقتصادي.

ولكن ما شأني أنا وما شأن مؤلفنا الفاضل الدكتور العمري، فإن للقوم كامل الحرية في اعتقاد مايريدون و ((لا إكراه في الدين)) .. ما شأننا نحن؟ ولماذا التدخل؟

[سؤال مهم جداً! وتدخل سافر لولا أمر أساسي! وهو أن القوم لا يوجد عندهم ((لا إكراه في الدين)) كما عندنا (مهما كانت غلظة بعض دعاتنا وغلط تصورهم لبعض الأمور)، وهم يعتبرون أن دينهم يجب أن يسود الأرض بالإكراه، سواء في كورية الشمالية أو إيران أو أفغانستان أو العراق أو جورجية أو دارفور أو جنوب لبنان، وهم لهذا مستعدون للتدخل حتى النهاية، أما ما يحصل للشعوب من مآس ودمار وويلات فمبدأ عدم التدخل مبرر كاف للتفسير!].

[الفوضى الخلاقة مصطلح مرعب استخدمته الإدارة الأميركية، لأنها حقاً تريد وبالإكراه نشر دينها (وهو ليس النصرانية بالتأكيد لا السهلة ولا الأصولية بل الرأسمالية) وهي تريد نشر الديمقراطية على طريقتها والحرية على طريقتها والعدالة على طريقتها، وهي تقول وبفم ملآن أنها تريد الإكراه في الدين، وذلك بزرع الفوضى الخلاقة التي قالها البعض وعلى وجوههم إمارات نشوة سادية لا ترى إلا في أفلام مصاصي الدماء المرعبة].

فلنكن عاقلين بل في منتهى الحكمة ونحن ندرس ذلك الدين الجديد لنرى نهاية (السيناريو) المرسوم لنا، لعل فيه بعض الخير فنستفيد منه! أو أنه عين الهلاك فنرفضه رفضاً قائماً على دراية وبصيرة، لأنه ينقض الإسلام عروة عروة من لم يعرف الجاهلية كما يقول الفاروق رضي الله عنه].

لن نركز على الاستغلال الموجود في العالم، ولن نحمل الدين الأميركي تبعته، سنذهب إلى الفردوس المستعار المليء بالشعارات والمطلي بألوان زاهية، وسنزيل القشرة تلو القشرة عن تلك الجنة الأرضية لنرى حقيقتها [سنقدم المعلومات والأرقام هنا باختصار، ومن شاء فليرجع إلى الكتاب الأصلي للأستاذ العمري والذي وثق فيه كل المعلومات المذكورة من مراجعها الأميركية].

عندما ازداد معدل الدخل العائلي بين عامي 1979 - 1992 فإن 98% من هذه الزيادة ذهبت إلى 20% من العائلات الأميركية الأكثر ثراء، وبقي فقط 2% لتتقاسمها ال 80% من العائلات الأفقر.

أغنى 20% من الأميركيين يسيطرون على 83% من مصادر الثروة.

من نسبة العشرين بالمائة الأغنياء هناك 1% فقط يمتلك 40 – 60% من كل مصادر الدخل (الأميركي الهائل).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير