تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومُعَاناته. فالعملُ كما تَرَى، هو في إرثِ (47) طَبِيعته فنٌ مُتمكّن، والإنسانُ بَسِليقة (48) فِطْرَتِه فَنَّان مُعْرِقٌ. * * * وإنّي لَمُحدِّثك الآنَ عن رجُلٍ من عُرض البشَر (49)، يَتَعيش بكدِّ يَديْه، صابَرَ (50) الفاقةَ عامَيْن، يعمَل عملاً يُفْلِتُ نَفَسًا من الغنى إليه، أغواهُ ثَراء يَبْهرهُ، فما كاد يُسْلِمه للبَيْع حتى بكَى عليه. لم أعْرفُه، ولكن حدَثني عنه رجُلٌ مثْلُه عَمَلُه البَيان، ذاك فِطْرتُه في يَدَيه، وهذا فطْرتُه في اللِّسان. * * * هذا عامرٌ أخو الخُضْر: توجَّسَتْ (51) به الوحْشُ من عِرْفانها شدّةَ نِقْمته، جاءتْ ظامئة في بَيْضَة الصيف (52)، فراعَها مَجْثَمهُ في قُتْرتِه. قليلُ التِّلاد، غيرَ قوسٍ أو أسْهُمٍ، خفيّ الِمهَاد، غيَر مُقْلة تتضرَّم. تبيَّنتْ لَمْحَ عَيْنيه، فانقلبَت عن شريعة الماء هاربة، ذكرت نِكاية مَرْماهُ، فآثرت مِيتَةَ الظَّمأ على فَتْكة الأسْهُم الصائبة. وما عامرٌ وقَوْسَه؟! 1 ـ فَدَعِ الشَّمَّاخَ يُنْبِئْكَ عن قَّواسِها البَائِس في حَيْثُ أَتاَهاَ: 2 ـ أيْن كاَنتْ فيِ ضَمِير الغَيْبِ منْ غِيلٍ (53) نَماَهاَ؟ 3 ـ كَيْف شقَّتْ عينُهُ الحجْبَ إليْها، فاجْتَبَاهَا (54)؟ 4 ـ كَيْفَ يَنْغَلُّ (55) إلَيْهاَ فيِ حَشاَ عِيصٍ وقاَهَا؟ 5 ـ كَيْفَ أَنحى (56) نَحْوَها مِبْرَاتَهُ، حتى اخْتَلاَهَا؟ 6 ـ كَيْفَ قَرَّتْ فيِ يديه، واطْمأنَّتْ لِفَتَاهَا؟ 7 ـ كَيْفَ يَسْتَودِعُها الشَّمْسَ عَامَيْن .. تَرَاهُ وَيَرَاهَا؟ 8 ـ كَيْفَ ذَاقَ البُؤْس .. حتى شَربَتْ ماَء لِحاَها (57)؟ 9 ـ كَيْفَ نَاجَتْهُ .. وَنَاجَاها .. فَلاَنَتْ .. فَلوَاهَا؟ 10 ـ كَيْفَ سَوَّاهَا .. وَسَوَّاهَا .. وَسَوَّاهَا فَقَامَتْ .. فَقَضَاهَا؟ 11 ـ كَيْفَ أَعطَتْهُ منَ الِّليِن، إذَا ذَاقَ (58)، هَوَاهَا؟ 12 ـ أيُّ ثَكْلَى أَعَولَتْ إذْ فَارَقَ السَّهْمُ حَشَاهَا؟ 13 ـ كَيْفَ يُرْضِيهِ شَجَاهَا؟ كَيْفَ يُصْغِي لبُكاَهَا؟ 14 ـ كَيْفَ ريعَ الوَحْشُ مِن هَاتِفِ سَهْم إِذْ رَمَاهَا؟ 15 ـ كَيْفَ يَخْشَى طَارِقاً، فيِ لَيْلةٍ يَهْمِي (59) نَدَاهَا؟ 16 ـ كَيْفَ رَدَّاهَا (60) حَريرَ البَزِّ حِرْصاً وَكسَاهَا؟ 17 ـ كَيْفَ هَزَّتْهُ فَتَاهَا؟ وَتَعالَى وَتَبَاهى؟ 18 ـ كَيْفَ وَاَفى مَوْسَم الَحج بِهَا؟ .. مَاذَا دَهَاهَا؟ 19 ـ أيُّ عَيْن ٍلَمَحَتْ سرَّهُمَا المُضْمَرَ؟ .. بَلْ كَيْفَ رَآهَا؟ 20 ـ انبَرَى كَالصَّقْرِ يَنْقَضُّ إلَيهَا .. فَأَتَاهَا!! 21 ـ مَسَّهَا ذُو لَهْفَة تَخْفى .. ، وَإنْ جَازَتْ مَدَاهَا 22 ـ قَالَ: سُبْحَانَ الذيِ سَوَّى!! وأَفْدِي مَنْ بَرَاهَا 23 ـ أَنْتَ .. !! بِعْنِيهَا .. ـ نَعَمْ إن شِئْتَ!! [تَعْسَا وَسَفَاهَا] (61) 24 ـ قَالَ: بِالتِّبْرِ .. وَبالفِضَة، بالخزِّ .. وَمَا شِئْتَ سِوَاهَا 25 ـ بِثِيَاب الخالِ (62) .. بِالعَصْبِ المُوَشَّى .. أَتَراهَا؟ 26 ـ وأدِيِمِ (63) الماعزِ المَقْرُوظِ .. أرْبَى مَنْ شَراهَا! 27 ـ[كَيْفَ قَالَ الشَّيخُ؟! .. كَلاَّ! إنَّهَا بعْضِي وَالمَالُ؟. بَل ِالمالُ فَدَاهَا 28 ـ إنّها الفاقةُ والبُؤسُ!! .. نَعَمْ! .. هذا غِنًى!! .. كَلاَّ وشَاهَا (64) 29 ـ بَلْ كَفَاني فَاقَةً .. لاَ! .. كَيْفَ أَنْساهَا؟ .. وَأَنَّى؟! وَهَوَاهَا] 30 ـ لَمْ يَكَدْ .. حَتَّى رَأَى نَاسَا، وَهَمْساً، وَشِفَاهَا: 31 ـ بَايِع الشَّيْخَ! أَخَاكَ الشَّيْخَ! .. قَدْ نِلتَ رِضَاهَا!! 32 ـ إنَّهُ رِبْحٌ .. ! فَلاَ يُفلتْكَ! .. أَعطَى، واشْتَرَاهَا (65)! 33 ـ وَرَأْى كَفَّيِه صفْراً، وَرَأَى المَالَ ... فَتَاهَا (66) 34 ـ لَمْحةً ... ، ثُمَّ تَجَلى الشَكُ عَنْهُ ... ، فَبَكَاهَا! 35 ـ وَرَثَاها بدُمُوع، وَيحَهُ! كَيْفَ رَثَاهَا؟ 1 36 ـ فَتَوَلَّى .. وَسَعِيرَ النَّارِ يُخْفِي وَلظَاهَا! 37 ـ حَسْرَةٌ تُطْوَى عَلَى أَخْرَى .. ، فأَغْضْى ... وَطَوَاهَا! * * * فاسمعْ إذنْ صَدَى صوتِ الشّمَّاخ: 38 ـ تَجَاوبُ عَنْهُ كُهُوفُ القُرُونِ، تَرَدَّدَ فِيها كَأنْ لم يَزَلْ 39 ـ وَأوْفَى عَلَى القِمَم الشَّامخَات: جبَالٌ مِنَ الشِّعْر مِنْهَا اسْتَهلْ (67) 40 ـ تَحَدَّرُ أَنْغْامُه المُرْسَلاَتُ، أَنَغَامَ سَيْل طَغْى وَاحتَفَلْ (68) 41 ـ رَأَى حُمرَ الوَحْشِ، فَابْتَزَّهَا (69) بِلاَبِلَها منْ حَدِيِث

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير