[إقتراح إضافة منتدى جديد.]
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[31 May 2008, 08:03 م]ـ
اصطفى الله الأمة العربية من سائر الأمم لتحمل راية دينه الأبدي، وذلك لما انفردوا به من خصائص بيئية، ولما غُرِسَ في كيانهم المعنوي من مواهب نفسية وفكرية، جعلت حياتهم أشبه ما تكون بقناديل يصب في جوفها نورانية الوحي، و {اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (1).
وهكذا لغتهم التي لم يكن في الوجود لسان مثلها يسمو لأن يكون (كلام الله)، فهذه اللغة " بُنيَتْ على أصلٍ سحريّ يجعل شبابها خالداً عليها، فلا تهرم ولا تموتُ؛ لأنّها أُعِدَّتْ من الأَزَلِ فلكاً دائِراً للنيِّرين الأرضيين العظيمين: كتاب الله، وسنة رسوله ومن ثَمَّ كانت فيها قُوَّةٌ عجيبةٌ من الاستهواء، كأنّها أخذةُ السِّحر، لا يملك معها البليغ أن يأخذ أو يدع " (2)، وبما أن القرآن عربي، فلا يمكن لإنسان فهمه إلا من خلال إلمامه بحلته اللغوية التي تنزل بها، ومن ثمَّ "فلا فهم للقرآن الكريم إلا بفهم اللسان العربي فهما دقيقا ومستوعبا، ومن كان عن ذلك زائغا كان في فهمه للكتاب زائغا" (3)
وعليه فقد حرّم العلماء الخوض في التفسير على غير العالم باللسان العربي، ومن ذلك ما روي عن مجاهد (ت104هـ) قوله:" لا يَحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب " (4)؛ وأَوعد الإمام مالك في ذلك بقوله: " لا أوتى برجل غير عالم، بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا" (5).
وإذا عُلم ذلك، صار من الواجب على من تصدر لكتاب الله بالتفسير أن يفقه اللغة العربية، وهو ما أشار إليه الفخر الرازي بقوله:" لَمَّا كان المرجع في معرفة شرعنا إلى القرآن والأخبار وهما واردان بلغة العرب ونحوهم وتصريفهم كان العلم بشرعنا موقوفا على العلم بهذه الأمور وما لا يتمُّ الواجب المطلق به وكان مقدورا للمكلف فهو واجب" (6). ويكون ذلك بقدر ما يؤهله لفهم النص الإلهي وكما قال الإمام الغزالي بـ" القدر الذي يُفهم به خطاب العرب وعاداتهم في الاستعمال" (7)؛ ومن ثمَّ فإنه " لابد في فهم الشريعة من اتباع معهود الأميين وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، فإذا كان للعرب في لسانهم عرف مستمر، فلا يصح العدول عنه في فهم الشريعة، وإن لم يكن ثَمَّ عُرْفٌ، فلا يصح أن يجري في فهمها على مالا تعرفه، وهذا جار في المعاني والألفاظ والأساليب " (8).
ولمَا سبق، وما سنفصله لاحقا في مشاركة مستقلة بعون الله، ولكون اللغة العربية بمثابة المفتاح الرئيسي الذي يمكن من خلاله الدخول في بيان كلام الله، ولأن ملتقانا المبارك يزخر بكوكبة علمية متميزة من أساتذة وطلبة علم مهتمة بمجال الدراسات القرآنية عموما، فإني أقترح إضافة منتدى خاص باللغة العربية، يركز بشكل كبير على المعلومات اللغوية الداخلة في صميم االبيان القرآني، مما شأنه أن يوفر على الأعضاء الوقت والجهد في البحث عن المعلومات اللغوية المتعلقة بالدراسات القرآنية، في أماكن متعددة؛ ويكسبهم معلومات خاصة قلما توجد في غير هذا الملتقى المتخصص.
آملا من الجميع التفاعل، والله الموفق.
......................................
1 - الأنعام: 124.
2 - إعجاز القرآن للرافعي: 31.
3 - انظر "مقال أهمية قواعد اللغة العربية لفهم كتاب الله عز َّوجلَّ وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم" للدكتور/ الحسين كَنوان، بصحيفة المحجة، العدد (278)، ص 15.
4 - الإتقان:2/ 555.
5 - السابق:2/ 553.
6 - المحصول في علم أصول الفقه: 203/ 1.
7 - المستصفى: 344.
8 - الموافقات:2/ 62.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 May 2008, 11:45 م]ـ
جزاك الله خيراً، وأعدك بمناقشة الموضوع بشكل موسع هنا وفي إدارة الموقع بإذن الله، وفي انتظار ما تسفر عنه آراء الزملاء في الملتقى.
ـ[أبو عابد المكي]ــــــــ[01 Jun 2008, 12:55 ص]ـ
أرجو أن يكون الموضوع الأول في المنتدى الخاص باللغة العربية هو المشار إليه:
(ولمَا سبق، وما سنفصله لاحقا في مشاركة مستقلة بعون الله)
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[01 Jun 2008, 02:55 ص]ـ
اقتراح رائع أستاذنا الفاضل" محمدًا بن عمر الضرير"
أوافق على ذلك، وأشاطركم الفكرة.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[02 Jun 2008, 02:21 ص]ـ
أرى أن الاقتراح مفيد، للعلاقة الهامة بين علوم اللغة والتفسير وعلوم القرآن ..
ولكن من الضروري تحديد المقاربة التي ستعرض بها فيه القضايا اللغوية كي لا يصبح قسما أدبيا.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[06 Jun 2008, 01:50 م]ـ
جزاك الله خيراً، وأعدك بمناقشة الموضوع بشكل موسع هنا وفي إدارة الموقع بإذن الله، وفي انتظار ما تسفر عنه آراء الزملاء في الملتقى.
حفظك الله يا أبا عبد الله، وأنتظر بشوق ماتسفر عنه مناقشاتكم الجادة كعهدنا بكم، مثمنا لكم جميل اهتمامكم، وكبير حرصكم، والله الموفق.
¥