تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

صخر؛ فهذا هو السياق العام , وثمة سياق خاص تتحرك فيه دلالة البيت وهو مخاطبتها لعينيها في حال جمودهما أي توقفهما عن البكاء عند طلبه في شدة الحزن , وهذا السياق الخاص له علاقة بتحليل البيت كما سنرى.

في هذا البيت على سبيل المثال نستطيع الوقوف على خصائص التراكيب البلاغية من خلال تتبعها في النص , وسنجد أن من أهمها في البيت مايلي:

أعيني: وهذا أسلوب نداء استعملت فيه أداة النداء للقريب , والخنساء تريد

بهذا أن تستشعر القرب بينها وبين عينيها اللتين أوحى جمودهما بالبعد!

وكان يمكن أن تستعمل الخنساء أداة لنداء البعيد لتدل على بعد العين في هذاالمقام, ولكنّها آثرت بناء الكلام على أصله لتعزيز أواصر القربى والألفة بينها وبين عينيها في هذا السياق الذي تبدو فيه شدة حاجتها إلى البكاء!

جودا: أسلوب أمر لا يراد به معناه الحقيقي وهو طلب الفعل على وجه

الاستعلاء ولكن يراد به التمني؛ فالخنساء هنا تتمنى أن تجود عيناها

بالدموع في هذا الموقف الصعب الذي جمدت فيه العين وتوقفت عن الدرّ,

واستعمالها الأمرَ في هذا المقام يشي برغبتها في أن يكون لها سلطة على

تلك العين التي تمردت في وقت الحاجة إليها!

ولا تجمدا: وهو أسلوب نهي أرادت به أيضا التمني , كما أرادت به أيضا

تأكيد رغبتها في تمكنّها من السيطرة على تلك العين من جهات مختلفة فهي لا تطلب منها مجرد الجود بالدموع ولكنها تطلب منها ألا يكون منها جمود أصلًا وطبعا, وهذا معنًى دقيق! له ما بعده في سياق البيت!

ثم تعود الخنساء إلى لغة أقرب إلى الاستعطاف في صورة استفهامية تعجبية:

ألا تبكيان لصخر الندى؟! وكأنها تتعجب من عدم جودهما بالدموع في بكاء من كان معروفًا بالجود , ويأتي السياق هنا معضدا لهذه الدلالات حين تضيف اسم أخيها صخر إلى الندى؛ كأنما تقول لعينيها في لغة بكائية تستدر الدمع من كل عينٍ: إن صخرا قد كان كريما جوادًا في حياته بل إنه عرف به حتى أُضيفَ إليه؛ فلا يحسن بكما إلا أن تكونا كريمتين بالدموع بعد مماته!!

ما أروع هذه اللغة التي تجعل الحدث حاضرًا كأنما هو ابن ليلته!

هذا أنموذج للتحليل البلاغي , ويتضح منه أنه لابد من الإلمام بالمكونات البلاغية للكلام قبل تحليله , ويمكن بعد ذلك الاستعانة بمناهج أخرى في التحليل , ولكن تبقى المكونات البلاغية أو ما يسمى لغة النص هي العنصر الأهم في كشف معانيه ودلالات تراكيبه. وآفاق تحليل النص ليس لها حد تنتهي إليه!

ولابد من التنبيه إلى أن تحليل البيت لا ينفصل عن تحليل القصيدة؛ وإنما أردتُ بيان كيفية تحليل الشعر في بيت؛ ليدل على تحليل البيت ِ في شعر.

وتجدن هنا ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?p=148064#post148064) بعض نماذج أسئلة الأدب للمتقدمين للوظائف الأكاديمية.

أمّا ما أشرتُ إليه سلفًا من جوابي لإحدى الطالبات المتقدمات لوظيفة في علم اللغة فيمكن الرجوع إليه في هذا الموضوع ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=24333) من الفصيح.

وفق الله كل طالب علم, وهداه إلى مبتغاه.

ـ[لين]ــــــــ[28 - 07 - 2007, 10:43 ص]ـ

د/شوارد

جزاك الله خيرا، وفرج همك

لقد كفيت ووفيت،

جعله الله في ميزان حسناتك،وزادك علماً وشرفاً.

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[29 - 07 - 2007, 02:24 م]ـ

أشرتُ في ردي السابق إلى تحليلات طه حسين , وذكرت كتاب الأيام , والمقصود هو كتاب حديث الأربعاء الذي حلل فيه معلقة لبيد في ضوء وحدة القصيدة.

الأخت لين: وجزاك الله بمثله , واسأله سبحانه أن ينفع به أخواتنا وإخواننا.

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[29 - 07 - 2007, 02:26 م]ـ

إلى الإخوة المشرفين:

ألا ترون أن تغيير عنوان هذا الموضوع إلى ما يدلّ على مضمونه أجدى على المفيدين منه؟

إذا رأيتم ذلك فأقترح أن يكون عنوانه:إلى من يستعد لاختبارالوظيفة الأكاديمية!

أو أي عنوان يؤدي الغرض.

وليكن ذلك سنة متبعة في غيره من الموضوعات التي يُرجى نفعها ولا يدل عنوانها عليها.

وجزاكم الله خيرًا.

ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[29 - 07 - 2007, 03:15 م]ـ

د. شوارد

اقتراح طيب

بوركت أيها الهمام

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[29 - 07 - 2007, 11:10 م]ـ

جزاك الله خيرًا أخي الزمخشري على مبادرتك إلى الخير , وفقك الله ورعاك.

ـ[شموع الأمل]ــــــــ[22 - 08 - 2007, 02:13 م]ـ

د. شوارد

جزاااااك المولى خير الجزاء ..... ووفقك حيثما كنت ......

بحق تفتخر شبكة الفصيح بوجود أمثالك .....

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير