[محاضرة للدكتور فيصل الحفيان]
ـ[أم زينب]ــــــــ[25 - 07 - 2007, 05:26 ص]ـ
ألقى الدكتور فيصل الحفيان منسق برامج معهد المخطوطات العربية منذ عدة أشهر بحثًا تعريفيًا عن المعهد في ندوة بعنوان دور المكتبات والتوثيق في الثقافة الإسلامية التي قامت في حلب، وقد رأيت من المفيد نسخ هذه المحاضرة في هذا الموقع للتعريف بهذه المؤسسة التراثية المهمة:
{معهد المخطوطات العربية}
أعتقد أن هذا المعهد لا يحتاج إلى تعريف فعمره تجاوز ستة عقود، وهو من أقدم المراكز المعنية بهذا المجال، ولكن ربما الأجيال الجديدة لا تعرف هذا المعهد، ولذلك سأتحدث عنه وعن دوره في الثقافة الإسلامية، ولاشك أن المخطوطات والتراث الفكري هما من أهم العوامل التي تصوغ هذه الثقافة الإسلامية، ومن هنا ستكون مشاركتي في هذه الندوة.
معهد المخطوطات العربية هو ذلك الجهاز المعني بصورة مباشرة بالمخطوطات التي هي أداة صياغة الثقافة الإسلامية وتجلّيها في آن معًا، وهو جهاز قومي يتبع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إحدى المنظمات المتخصصة التي تستظل بمظلة جامعة الدول العربية. والحقيقة أن إنشاء المعهد في وقت مبكر في عام 1946م كان مؤشرًا مبكرًا للوعي بأهمية التراث وكان في بداية أمره جزءًا من الإدارة الثقافية في جامعة الدول العربية وظل كذلك حتى عام 1970م، ذلك العام الذي أنشئت فيه المنظمة فأُلحق بها لا بصفته جزءًا من إدارة ما بل بصفته جهازًا مستقلاً لخدمة المخطوطات العربية.
معهد المخطوطات أنشئ في القاهرة ثم انتقل إلى الكويت، فظل فيها طيلة عقد الثمانينات، ثم عاد إلى القاهرة في مطالع التسعينات وكان هناك فترة مؤقتة عاشها في تونس لمدة عامين أو ثلاثة لم يمارس فيها عمله بصورة كاملة، هو الآن في القاهرة واستأنف عمله فيها في مقره القديم الجديد.
أدى المعهد واجبه تجاه المخطوطات رغم أن هناك عثرات كثيرة لكن أحدًا لا يستطيع أن يغفل أو يتنكّر للدور الذي قام به المعهد على صعد مختلفة: صعيد الحرص وصعيد الجمع وصعيد التعريف وصعيد الفهرسة وصعيد النشر وصعيد –لا يقل عن سابقاته أهمية- وهو صعيد ترسيخ الأسس النظرية والمنهجية للتعامل مع المخطوطات وكذلك توعيته بأهمية التراث ودور هذا التراث في تشكيل الوعي الإنساني وتربية الإنسان وتثقيفه.
ماذا فعل المعهد من أجل الثقافة الإسلامية؟
يمكن أن نصب ما فعله المعهد في محورين: الأول التوثيق، والثاني الخدمات المتنوعة الأخرى.
تعلمون أن التراث العربي المخطوط هو أكبر من حيث الكم أكبر تراث ألفته أمة من الأمم، ولا شك اليوم أنه قد انتشرت الكثير من مراكز المخطوطات لكن هذه المراكز تنقصها النظرة الشمولية والنظرة التنسيقية. المعهد في محور التوثيق قام بعملية الفهرسة التي سارت باتجاهين: فهرسة مخطوطات المعهد التي يملكها وتبلغ أكثر من أربعين ألف مخطوط مصوّر وفهرسة مكتبات المخطوطات غير المفهرسة، تمتاز مخطوطات المعهد أنها ليست من مصدر واحد فقد جُمعت من المكتبات المختلفة العربية والإسلامية والعالمية. وقد صدرت عن المعهد عشرات الفهارس التي قامت على أساس الموضوع بالنسبة لمخطوطات المعهد وعلى أساس المكتبة أو الموضوع أو الوعاء (مجاميع أو كتب) بالنسبة للمكتبات الأخرى.
المهمات الأخرى التي قام بها المعهد تندرج تحت مجموعة من القضايا التي تصبت في خدمة الثقافة الإسلامية بصورة مباشرة، وأحسب أن هذه القضايا هي تمتدّ على المساحة التراثية كلها:
• الحرص والإتاحة: وأنا دائمًا أحرص على الجمع بين الكلمتين، فالحرص بدون إتاحة لا معنى له، فلا بد أن نحفظ المخطوطات ونتيحها للباحثين وإلا فإننا نقبر هذه المخطوطات ونمنعها ونجعل منها شيئًا متحفيًّا لا لزوم له.
كان المعهد الملاذ للباحثين لما أتاحه أمامهم من مخطوطات، المكتبات لم يكن لديها أجهزة تصوير ولم تكن تستجيب للمراسلات ولم تكن مفتوحة ذلك الانفتاح الذي كان عليه المعهد في بداية إنشائه وحتى اليوم فهذا الفكر في إتاحة المخطوطات جعلت الذين زاروا المعهد يعرفون أنه كان بيتًا للباحثين فيه يجدون بغيتهم ويصوّرون ما شاؤوا من مخطوطات أو يطّلعون على ما شاؤوا منها.
¥