تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عندما يكون البحث ابناً

ـ[أنا البحر]ــــــــ[09 - 09 - 2007, 05:36 م]ـ

عندما يكون البحث ابناً

باسم بن عبدالله اللهيب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده,,

الأبناء, من هم؟ وما هو حقهم علينا؟ وكيف نقوم بتربيتهم! ولماذا نربيهم أساساً!

الكل منا عندما يرزق بمولود فإنه يسعى لتربيته التربية الحسنة التي يعتقدها, ويسعى جاهداً في توفير مستلزمات ذلك المولود أياً كانت. ولهذا فإن للأبناء منزلة خاصة لدى أبويهم, فهم يأخذون الرعاية الحسنة و الاهتمام البالغ في كل وقت.

وقبل هذا كله .. دعونا نتعرف على الأبناء, لقد ورد تعريف الابن في معجم المحيط بأنه: الابْنُ [بنو]: الولد الذكر , كل ما ترتب على غيره بالسببية أو التبعية أو الملازمة أو المشابهة؛ ابن أبيه: ابن الحرب, ابن ساعته: أي لا يدوم, ابن السبيل: أي المسافر.

إذاً فالابن هو ما ترتب على غيره التبعية أو الملازمة. ولذا فإن الابن قد حصل على مرتبة مقربة جداً من والده. فإذا أشير إلى الابن فإنه استحب ذكر والده.

إن موضوعي هذا سأتطرق فيه إلى أهمية اختيار ما يناسب الابن ولعلي أقصد بالابن هنا هو "موضوع البحث" لرسائل الماجستير أو الدكتوراه.

لقد تعجبت في الآونة الأخيرة من تردد لبعض الأسئلة حول مواضيع الرسائل العلمية, فالبعض يقول: أريد موضوعاً أبحث فيه لرسالتي الماجستير, والآخر يقول أريد الموضوع أن تكون مصادره متوفرة و كثيرة ... الخ.

إن ما يلجأ إليه أولئك الباحثون هو باعتقادهم السهولة في إعداد البحث, وما علموا أن تلك الرسالة هي بمثابة الابن الملازم لهويتهم الشخصية ولدورهم التنموي في المستقبل القريب. ولا أقصد في حديثي هذا أنه يجب على الباحث أن يختار موضوعاً نادر المصادر وصعب التركيب, إنه من خلال التجربة العملية في إعداد البحوث العلمية نجد أن أناساً يكتبون في مجالاتٍ تكاد تنعدم فيه المصادر العلمية وأن لهم إسهامات جليلة في دور النهوض المعرفي, فكيف تم ذلك؟

إن التربية الصحيحة للبحث تنطلق من الحب الحقيقي لموضوعه, ولهذا نجد أن باحثين قد قضوا معظم أوقاتهم عاكفين على كتابة بحوثهم و قد انعزلوا عن بعض الأصدقاء بغية تلك التربية التي تعود بالنفع عليهم وعلى مجتمعهم مستقبلا والذي وجدوا فيه الانتماء الروحي لهم.

أخي الباحث,,,

إن موضوع رسالة بحثك في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه تعتبر المحدد الأول في نجاحك من عدمه. وهل يقاس النجاح بالشهادة المتحصل عليها؟ أقول لك بكل صراحة أن الشهادة هي مجرد وثيقة رسمية تخول حاملها للتقديم إلى الجهات ذات الشأن للتوظيف أو الترقيات أو نحوه. وسؤالي هنا؛ هل هذا هو دورك في الحياة؟

كم هو جميل أن نرى الرسائل العلمية المحكمة التي تصدر من باحثين بذلوا جل اهتمامهم لإخراج خبراتهم المعرفية و النظريات العلمية في صور تجعل منهم آباء لتلك البحوث. إننا نسمع في حياتنا اليومية عن تعريفات لأناس بواسطة مؤلفاتهم. فنقول "فيروز آبادي" صاحب معجم القاموس المحيط, فلولا ذلك المعجم لما عُرف الآبادي.

وإذا سمعنا يوما من الأيام عن باحث بدأ في كتابة رسالة أخرى غير رسالته الأولى التي توقف عن كتابتها في إحدى المرحلتين فإنه يتبادر إلى أذهاننا سؤال بسيط. لماذا توقف عن كتابة الرسالة الأولى؟

والإجابة على ذلك هي أن الباحث قد شعر بالملل من كتابة الموضوع الأول وأنه لم يعد يطيق النظر إلى أوراقه وإلى الكتب التي تتكلم بذلك الموضوع. وهنا يظهر التشخيص بأن ذلك الباحث لم يبدأ بالكتابة عن قناعة تامة وعن حب للموضوع الذي يطرحه.

يحدثني أحد الأصدقاء وهو أستاذ في أحد الجامعات العربية ويقول: أتاني أحد الطلاب من أحد الجامعات خارج البلد وذكر لي أنه يريد موضوعاً يبحثه في رسالته للدكتوراه, يقول فتعجبت من سؤاله وقلت في نفسي لعله يريد استشارة علمية حول تخصص دقيق فدار بيننا هذا الحوار:

الأستاذ: "ماذ تفضل؟ " أي ما هو المجال الذي تحب؟

الباحث: "أن تكون جميع الكتب متوفرة و أن يكون سهلاً"

الأستاذ: "أي, لا يهم الموضوع .. بل مدى توفر المصادر!!! "

الباحث: "نعم, تماما كما ذكرت"

الأستاذ: "ألم تفكر في يوم من الأيام أن هذا البحث سيلتصق بك وفي اسمك؟ "

الباحث: "لا , ولكن لا يهمني ذلك طالما أنني سأحصل على الشهادة"

يقول الأستاذ .. أعطيته بعض المواضيع التي رأيت أنها تلبي حاجته, وبعد مدة سألت عنه أحد الزملاء في تلك الجامعة فقال لي أنه قد أجّل الدراسة. انتهى

قد يكون لدى الطالب ظروف أخرى جعلت منه أن يؤجل دراسته غير الرسالة. ولكن الكثير من الطلاب الذين لم يختاروا المواضيع بأنفسهم وعن قناعة منهم وميول لتوجه محبب في أنفسهم قد أصابتهم مراحل إحباط و هبوط للعزيمة و قتل للإبداع.

وفي الأخير, قد تكون الاستشارة العلمية من أحد الأساتذة حول موضوع الرسالة مطلباً علمياً صحيحاً إذا ما انطلقت تلك الأفكار من نفس الباحث. أي, أن الباحث ينطلق بالموضوع ويقوم الأستاذ بالمراجعة و التعديل والإضافة بما يتناسب مع توجهات الباحث نفسه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد

منقول ( http://www.q-mba.com/articles.php?action=show&id=1)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير