ج) القسم الثالث: بناء علي هذا التطور فإن الفصلين اللذين تناول منها المؤلف قضايا الأخذ والسرقة دخيلان في موقعيهما وأن موقعهما الطبيعي هو القسم الثالث.
المداخل:-
إن وضع الأمور في نصابها يسمح لنا ببناء التصور العام الذي انتهي إليه الجرجاني ولذلك فإن تصوره العام والنتائج النهائية لاجتهاداته توجد في آخر أعماله في حين توجد المفاتيح في أولها لهذا الاعتبار سنبني خطاطة الجرجاني في ترتيب المعاني مبتدئين بالقسم الثالث ثم الأول ثم الثاني معتمدين الوصف ثم التحليل والتركيب.
1) المدخل الأول:
المعني الصحيح والمعني التخيلي {القسم الثالث} خصص الجرجاني مبحثين لقضية الأخذ والسرقة أو للتواطئ المحمل بين أقوال الشعراء، ولم يرجع الجرجاني للحديث عن (العبارة) أو (ضيق العبارة) كما لم يورد الأنواع الأخرى (للعقلي) بل اكتفي بتعريفه والتمثيل له في حوالي 2 صفحة ثم تحدث عن التخيل وقد اقترح خطة تركيبيه موضحة في الكتاب.
2) المدخل الثاني:
المعني القريب والمعني البعيد (القسم الأول) يبني القسم الأول علي ترتبيه بين المعني القريب والمأخذ والمعني البعيد ويمكن إرجاع هذه الثنائية إلي:-
أ) مستوي البنية:
1 - الإفادة وعدمها.
2 - مدراج النقل من الحس إلي العقل.
3 - البساطة والتركيب.
ب) مستوي الوظيفة الوضوح والغموض.
ج) المستوي البنائي:-
قسم الجرجاني الاستعارة إلي مفيدة وغير مفيدة ثم قسم الاستعارة المفيدة إلي 3 أقسام حسب الصفة المشتركة بين الطرفين:
1 - الاشتراك في صفة عامة (الجنس، الأنواع)
2 - الاشتراك في صفة متجسدة.
3 - وأخذ الشبه من الصور العقلية طرف ثالث في الاستعارة.
وإذا تأملت هذا التقسيم الثلاثي وجدته في الواقع تقسيماً ثناياً:-
1) ما يدرك بالحس ويرد إلي أصل دلالي مشترك يهل اكتشاف علاقته به.
2) ما يدرك بالعقل ويحتاج إلي تأويل وبناء لاستكشاف العلاقة بين الطرفين.
وبنظرة إجمالية يتضح أن الجرجاني يفكر في 3 مستويات متدرجة في القرب والبعد:-
1 - مستوي تعبير مباشر.
2 - مستوي ثاني أقرب من الحقيقة لشدة الشبه فيه وهو الذي يستعمل
المعاني الحسية.
3 - مستوي تأويلي يحتاج إلي إعمال الفكر لاستخراج المعني أو
بنائه أصلاً.
المدخل الثالث (المجاز البديعي والمجاز الغير بديعي)
يعرض في: 1 - اضطراب التعريف وخلفياته الدينية.
2 - النقل المفيد وغير المفيد.
اضطراب التعريف وخلفياته، ذكر الجرجاني في مقدمة الأسرار أنه سيؤخر الحديث عن المجاز لتدبير ما متعلق بمناقشة المجاز في إطار الأسئلة الكلامية حول الظاهر والمؤول.
ولم يقدم الجرجاني تصوراً منسجما للمجاز منذ البداية، لقد بدأ بنوعين لغوي وعقلي باعتبارهما طرفين يقسمان المجاز، ثم أصناف في آخر الكتاب بعيداً عن التقسيم الثاني قسماً يسمي (المجاز الحكمي).
1 - المجاز في المفرد. 2 - المجاز في المحلة.
3 - المجاز الحكمي.
ويعرف المجاز العقلي بأنه (إخراج الحكم عن موصفة في العقل لضرب من التأول ويفرق بالتأول بين المجاز والضلال والكذب ويستعمل الرصيد الكلامي الأشعري في كشف العلاقة بين فعل الطبيعة الظاهر وفعل الله الذي يحكمها.
ويدخل هذا التفسير في مفهوم الاقتران بين الأفعال والإرادة وهذا مجال تتقارب فيه المذاهب الكلامية.
لقد كان الجرجاني مشغولاً بالخلاف المذهبي حول الأسباب والمسببات هذا التشبه التمثيلي غير الاستعاري وفي مستوي النقل المجازي ألتشبيهي وغير ألتشبيهي أن هناك قطبين (الصدع المباشر البسيط، المؤول البعيد المركب).
مرجعية المداخل الثلاثة:
هذه المداخل اعتمدها الجرجاني لمعالجة هذه القضية وهي ذات ألوان مختلفة فمن البديهي أن قضية الأخذ التي لم تكن معلنة في برنامج لكتاب قضية نقدية مهيمنة علي النقد الأدنى القديم كانت معياراً للأصالة وموضوعاً للتباين في الرأي، وكثيراً ما كانت أيضاً مطية للحيف في حق الشعراء الكبار كأبي تمام والمتبني.
لذلك فأن هذا القسم من الكتاب الذي قل ما يعار اهتماماً يكتسب قيمة كبيرة، لكونه يفعل البلاغة: يحولها من بناء في اللغة: إشكال في النظرية الأدبية مستحضراً النجد الخطابي بمكوناته الحجاجية المختلفة.
المناسبة التداولية: (دلائل الإعجاز)
عملية الانتقال من الإسرار إلي الدلائل:
¥