وقد كان النحو والعروض نموذجاً ومثلاً أعلي للبلاغين وقد نظر ابن سنان معتمداً علي:
1) المقدمة الأولي: كمال (كل صناعة من الصناعات) بـ5 أشياء علي ما ذكره الحكمة هي:-
1 - الموضوع. 2 - الصانع. 3 - الصورة.
4 - الآلة. 5 - العرض.
2) المقدمة الثانية هي:النص
3) النتيجة: يجب اعتبار الأقسام المذكورة في صناعة الكلام.
من مضاحة الأصوات إلي بلاغة المعاني:
انطلاقاً من هذه الأرضية المنهجية ومن التطور المذهبي السابق، ذهب ابن سنان إلي (نقد الكلام) كفرع من مبحث الأصوات ويفهم من كلامه أن الفصاحة تنطوي ضمن نقد الكلام، ولذلك انتدب نفسه لسد هذا الفراغ وتدارك النقص فانطلاقه عمله انطلاق صوتية صرفة وتصور علمي عام.
لم يكد ابن سنان ينتقل من المستوي المذهبي إلي المستوي البلاغي حتى بدأ ينزاح عن المفهوم الصوتي لصرف خطوة تلو الأخرى حتى اعترف بضرورة فتح الباب للمعني إلي جانب الصوت ليتسع الكلام للفصاحة والبلاغة ما.
التحديد:- من الصوت إلي اللفظ:
يري ابن سنان أن الفصاحة مازالت من قديم، وإلي عصره، موضوع خلط وادعاء، فعلي كثرة الخائضين فيها ما يزال موضوعها غامضاً إن الفصاحة علي ما قدمنا، نعت للألفاظ إذا وجدت علي عده .. وتلك الشروط تنقسم قسمين:-
1) الأول منها يوجد في اللفظة الواحدة علي انفرادها، من غير أن ينضم إليها شيء من الألفاظ.
2) والقسم الثاني يوجد في الألفاظ المنطوقة بعضها مع بعض.
من المفرد إلي المؤلف:-
يظهر إن ابن سنان وجد سراً كثيراً في تحديد (النظم) انطلاقاً من مفهوم للفظ باعتبار الكلمة مفرده أو مضمومة إلي بعضها بشكل لا يصرح منه بدخول المعني في الاعتبار.
لبيان ذلك، ولوضع معطيات بين يدي القارئ يرجع إليها في القراءة اللاحقة لمحتوي الكتاب نورد هنا شروط الفصاحة ونفوتها في المفرد والمؤلف مع بيان عسر الانتقال:
1) شروط فصاحة المفردات منفصلة بسبب تباعد المخارج.
2) أن تكون اللفظة أحسن من غيرها في السمع.
3) أن تكون الكلمة غير ساقطة عامية.
4) أن تكون الكلمة جارية علي العرف العربي.
5) أن تكون الكلمة غير متوعرة حوشيه.
6) ألا تكون الكلمة قد عبر بها عن أمر يكون آخر يكره ذكره.
7) أن تكون الكلمة معتدلة غير كثيرة الحروف.
8) التصغير (ألا تكون اللفظة فيها تغيير).
البحث في المعاني المفردة:-
نبه ابن سنان إلى أنه حصر المعاني بقوانين تستوعب أقسامها وفنونها على حسب ما ذكره في الألفاظ أمر عسير متعب لا يناسب كتابه لأنه يرجع إلى علم المنطق وصناعة الكلام، فالمعاني تتعدد بتعدد أماكن وجودها، وهي:-
1 - موجودة في نفسها 2 - موجودة في إفهام المتصورين لها
3 - موجودة في الألفاظ الدالة عليها 4 - موجودة في الخط.
المبحث الثاني: الرؤية البلاغية في المنجز (الصحة والتناسب)
يمكن القول بأن عمل ابن سنان يقوم على أساسين:-
1 - الصحة والاعتدال 2 - التناسب والانسجام
فالصحة والتناسب تشكلان جوهر الفكر البلاغي الكلاسيكي. الصحة هي في الغالب، جواز مرور للمحافظة، والتناسب هو ترجيح للحسي البسيط مع العقلي المعقد الذي يرصد عناصر التنافر والشذوذ في اللغة والحياة ويرصد العلاقات البعيدة.
1/ 1 المحافظة: تتجلى دعوة المحافظة في الإلحاح على احترام الأعراف والسنن اللغوية والاجتماعية والفنية. وفد تجلى إلحاحه مع ذلك في الاهتمام بصفاء المعجم الشعري وتقديم التمفصل الطبيعي للغة، ورفض الضرورات الشعرية. كما تجلى في الحديث عن المعاني المناسبة للأغراض.
2/ الاعتدال:-
يمكن التمييز بين مستويين في الدعوة إلى الاعتدال في عمل ابن سنان:-
1 - الاقتصاد في البديع: وهو مستوى عام يتعلق بالاقتصاد في استعمال الصور البلاغية.
2 - مقاربة الحقائق وهي مستوى خاص ينصرف إلى العلاقات القائمة أو المطلوبة بين الأطراف، أثناء عمليات الإلحاق أو النقل الدلاليين.
وقد تناول ابن سنان التماثل من خلال:-
1 - التشبيه 2 - الاستعارة (مكنية، مصرحة) 3 - الإرداف
ومع بساطة عرض ابن سنان وتحليله، بالقياس إلى البناء المعقد أو التحليل العميق عند الجرجاني فقد أتى إلى أن ينص على تبني نقيض مفهومين كبيرين هما: /1/ تقديم العقلي على الحسي
2/ البناء على الصور وتناسي أصولها.
¥