تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فذا لا يكون مع الحرف الواحد ولا الكلمة الواحدة بل لا يكون مع الجملة الواحدة دون أن يتردد الكلام وتتكرر فيه الجمل فيبين ما ضمنه من العذوبة وما في أعطافه من النعمة واللدونة وقد قال بشار

وحوراء المدامع من معد

كأن حديثها ثمر الجنان

ومعلوم أن من حرف واحد بل كلمة واحدة بل جملة واحدة لا يجنى ثمر جنة واحدة فضلا عن جنان كثيرة وأيضا فكما أن المرأة قد توصف بالحياء والخفر فكذلك أيضا قد توصف بتغزلها ودماثة حديثها ألا ترى إلى قول الله سبحانه) عربا أترابا لأصحاب اليمين (وأن العروب في التفسير هي المتحببة إلى زوجها المظهرة له ذلك بذلك فسره أبو عبيدة وهذا لا يكون مع الصمت وحذف أطراف القول بل إنما مع يكون الفكاهة والمداعبة.

الباقلاني

يمثّل الباقلاني بمفهومه للإعجاز القرآني، وبمؤلّفه (إعجاز القرآن) - وجهة نظر جماعة المسلمين. ويعدّ كتابه هذا أول كتاب يصنفه عالم من علماء السلف في الرد على مزاعم الملحدين والمخالفين من الرافضة والمعتزلة والجهمية والخوارج وغيرهم، لذلك بلغ بهذا الكتاب مكانة مرموقة، وشهرة ذائعة، لم يصل إليها أحد غيره.

اسمه محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم .. أبو بكر القاضي الباقلاّني البصري المتكلم الفقيه.

ويعد الباقلاني فيلسوف المذهب الأشعري، الذي بلور آراءه، ونفّذ تعاليمه

مات القاضي أبو بكر محمد بن الطيب في يوم السبت لسبع بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة (403ه) - رحمه الله

يرى الباقلاني أن الاختصار مع البيان و الإيجاز فإن الكلام قد يفسده الاختصار، ويعميه التخفيف منه، وهذا مما يزيد الاختصار بسطاً، لتمكنه ووقوعه موقعه، ويتضمن الإيجاز منه تصرفاً يتجاوز محله وموضعه.

ويذكر أن البلاغة على عشرة أقسام: الإيجاز، والتشبيه، والاستعارة، والتلاؤم، والفواصل، والتجانس، والتصريف، والتضمين، والمبالغة، وحسن البيان.

فأما الإيجاز: فإنما يحسن مع ترك الإخلال باللفظ والمعنى، فيأتي باللفظ القليل الشامل لأمور كثيرة، وذلك ينقسم إلى حذف وقصر: فالحذف الإسقاط: للتخفيف، كقوله: "وَاسْأَلِ القَرْيَةِ"، وقوله: "طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ".

وحذف الجواب كقوله: "وَلَوْ أَنَّ قُرْآنَاً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى"، كأنه قيل لكان هذا القرآن. والحذف أبلغ من الذكر لأن النفس تذهب كل مذهب في القصد من الجواب.

والإيجاز بالقصد كقوله: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ"، وقوله "يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهمْ هُمُ الْعَدُوُّ"، وقوله: "إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُم"، "وَلاَ يَحيقُ الْمَكْرُ السَّيِّءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ" .. وإطناب فيه بلاغة، فأما التطويل ففيه عي ..

الإيجاز ليس بلون بلاغي مقتصر على ناحية أو جانب واحد من اللغة، وليس مقتصر في بحوث علم البلاغة فحسب، إنما اللغة العربية ذاتها لغة إيجاز، وكثيراً ما تسلك الأساليب العربية مسلك الإيجاز في الكلام العادي بغير قصد إلى الجمال في التعبير أو تزيين الكلام به، فقد يكون الإيجاز في الكلام لدواعي أخرى تدعو إليه غير الدواعي البلاغية، فكثيرا ما تسلك مسلك الإيجاز في صياغتها للكلام، من حروف الكلمة، أو مفردات الجملة، أو تركيب الجمل، أو قطعة كاملة للكلام في موضوع معين.

والتضمين كله إيجاز، والتضمين الذي تدل عليه دلالات القياس أيضاً إيجاز، وذكر أن "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" من باب التضمين، لأنه تضمن تعليم الاستفتاح في الأمور باسمه، على جهة التعظيم لله تبارك وتعالى، أو التبرك باسمه.

الفصل الثاني:

• دواعي الإيجاز

• مواضع الإيجاز في الوجوه البلاغية

• خواص الإيجاز في الألفاظ والمعاني

دواعي الإيجاز

عرفنا كيف أن العرب منذ الجاهلية أشادوا كثيراً بالإيجاز، ودعوا إليه ومارسوه في كلامهم وأدبهم، ولقد كانت ظروف مجتمعهم من أهم الدوافع التي تجعلهم يميلون نحو الإيجاز ميلاً شديداً، فقد كان مجتمعاً تشيع فيه الأمية وتندر فيه الكتابة، وهذا كان يدفعهم إلى الاعتماد على الذاكرة للحفاظ على أدبهم الذي يصور حياتهم من ناحية، وعلى أن تتناقله الأجيال عن طريق الرواية من ناحية أخرى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير