لا بدّ لأيّ موسوعة من خطّة تترسّمها في تحقيق أهدافها والحفاظ على أهمّ خصائصها وهي الوحدة والتّناسق. وبيان الخطّة المستهدى بها في الكتابة أمر في غاية الأهمّيّة , لأنّه ينير السّبيل للاستفادة الصّحيحة من الموسوعة , كما يعين على التّعرّف إلى طابعها العامّ. وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك خططًا أخرى ثانويّةً ندع الحديث عنها لأنّها لا تعدو أن تكون من قبيل النّهج المسلوك في إعداد الموسوعة , وهي وسائل تتعدّد وتتطوّر. كما نترك الحديث عن الخطّة الشّكليّة للإخراج الموسوعيّ لأنّها مشهودة بالنّظر , وجارية على السّنن المعهود في تحقيق النّصوص وأصول الإخراج. ونورد هنا إيضاحًا للخطّة الملتزمة في كتابة هذه الموسوعة - فضلًا عمّا سبق بيانه قريبًا - تبعًا لعناصرها التّالية: ترتيب الموسوعة , تصنيف المصطلحات , عرض الاتّجاهات , الأسلوب والمراجع , الأدلّة والتّخريج.
ترتيب الموسوعة الألفبائيّ:
إنّ اختيار تقديم المعلومات في الموسوعة من خلال مصطلحات (ألفاظ عنوانيّة متعارف على ارتباطها بمدلولات علميّة خاصّة) ثمّ ترتيبها ألفبائيًّا (على حروف الهجاء) يحقّق أهمّ خصائص الموسوعة , وهو سهولة التّرتيب واستقراره , بحيث يزول الاضطراب النّاشئ عن اختلاف أنظار المؤلّفين القدامى في تحديد الموقع المناسب للمسائل الفقهيّة الّتي تتجاذبها أبواب شتّى , بل امتدّ الاختلاف إلى ترتيب الأبواب نفسها ما بين مذهب وآخر وفي المذهب الواحد. والتزام التّرتيب الألفبائيّ يزيل الاضطراب وييسّر البحث لغير المختصّ. وينظر إلى المصطلحات عند ترتيبها إلى حالتها الرّاهنة ولو كان بعضها - بحسب الاشتقاق - قد دخلت حروف زائدة على لفظه الأصليّ المجرّد , لأنّ اعتبارها كذلك أيسر للكشف عنها , ولأنّ كلّ لفظ من تلك الألفاظ صار لقبًا ملازمًا للمسألة المدلول عليها به , وقد لوحظ ما في الطّرق المختلفة لترتيب بعض الحروف , فروعي تغليب جانب النّطق في اعتبارها , لأنّه الأصل الّذي تستند إليه الكتابة في العربيّة , كما روعي في الألفاظ المركّبة ترتيب الأجزاء الأولى ثمّ الالتفات لترتيب ما بعدها أيضًا (كما في لفظ " صلاة " وما أضيف إليه). وهو ما يدعى: " النّظام الكلميّ لا الحرفيّ " , وقدّم اللّفظ " الخالي أوّلًا " حين تزيد حروف أحد اللّفظين عن الآخر بعد التّماثل.
تصنيف المصطلحات الفقهيّة:
ولزيادة إيضاح المقصود بالمصطلحات نشير إلى أنّها تلك الألفاظ العنوانيّة الّتي استعملها الفقهاء لمعنًى خاصّ زائد عن المعنى اللّغويّ الأصليّ , أو قصروها على أحد المعاني المرادة من اللّفظ المشترك , أو اعتبروها لقبًا للمسألة. ومنها جميع العناوين التّبويبيّة الملازمة لموضوع كلّيّ أو جزئيّ له أحكام شرعيّة. وليس من هذا القبيل ما خلا عن أحد هذه الصّفات , فتردّد على ألسنة الفقهاء على سبيل التّعبيرات الّتي تتعاقب لبيان المعاني , فإذا حلّ أحدها محلّ الآخر لم يختلّ القصد العلميّ الخاصّ من اختيار اللّفظ. والمصطلحات لها ترتيب واحد ينتظمها مهما كانت صيغتها ومقدار بيانها , فوحدة التّرتيب هي المحقّقة للسّهولة واليسر , إلّا أنّ ذلك لم يمنع من تصنيف المصطلحات فيما بينها - لناحية تنظيمه - تبعًا لمقدار بيانها وارتكاز بعضها على بعض , فهي ثلاثة أنواع: مصطلحات أصليّة , ومصطلحات إحالة , ومصطلحات دلالة وإليك إيضاحها:
أ - المصطلحات الأصليّة:
وهي الّتي يستوفى بيانها بالتّفصيل بمجرّد أن تذكر (ويستعان لتفصيل أحكامها بذكرها ضمن عناوين عديدة مرتّبة موضوعيًّا) وذلك لكون اللّفظ هو المظنّة الوحيدة - أو الغالبة - لاستخراج بيانات الموضوع حيث لا يندرج تحت غيره كجزء تابع لا يحسن إفراده عنه. والأصل في اعتبار المصطلح أصليًّا أن يكون جديرًا بالاستقلال واستجماع بياناته في موطن واحد ليس له منازع , ولا علاقة لذلك بالكمّيّة بل العبرة بأن لا يكون له موطن أليق باندراجه ضمنه وتفصيله فيه. أمّا إيثار لفظ من ألفاظ الموضوع المتعدّدة لتربط به البيانات المفصّلة فمردّه أن يكون مصدرًا مفردًا (كالحجّ , والبيع , والشّركة) سواء أكان للدّلالة على تصرّف أم واقعة عباديّة أو تعامليّة , وقد يكون المصطلح من أسماء الأشياء والذّوات , ولا يعدل عن المصدر أو المفرد إلى غيره من وصف أو
¥