وقال العلامة المعلمي في (التنكيل) (ص257 - 258) في أثناء بيانه للأمور التي ينبغي أن يراعيها من أراد أن يعرف أحوال الرواة: (ليبحث عن رأي كل إمام من أئمة الجرح والتعديل واصطلاحه مستعيناً على ذلك بتتبع كلامه في الرواة واختلاف الرواية عنه في بعضهم مع مقارنة كلامه بكلام غيره ----).
وقال المعلمي أيضاً في مقدمته لكتاب (الفوائد المجموعة) (ص9): (صيغ الجرح والتعديل كثيراً ما تطلق على معانٍ مغايرةِ لمعانيها المقررة في كتب المصطلح. ومعرفة ذلك تتوقف على طول الممارسة واستقصاء النظر).
وقال مؤلفا (تحرير التقريب) الشيخ شعيب الأرنؤوط والدكتور بشار عواد معروف الأعظمي (1/ 43 - 44) عقب شيء ذكراه: (وهذا يدل من غير شك أن أهل العلم لم يتفقوا على تعابير بعينها في تلك الأعصر، مما يتعين [أي بسببه] دراسة ألفاظ كل عالم منهم على حدة وتحديد مراده من ألفاظه؛ وكثير من هذه الألفاظ هي ألفاظ وصفية لا اصطلاحية). قلت: هذه الجملة الأخيرة تنبيه جيد صحيح.
(2)
شروط الكتاب في موضوعه وفي مادته
لقد جمعتُ في هذا المعجمِ – كما سترى بإذن الله – أكثرَ مصطلحات المحدثين، وحاولت أن أقارب الاستيعاب ما استطعت، وأن أستوفيَ منها ما تشتد الحاجةُ إلى معرفته، وبينتُ معانيَها عندَهم، بطريقة سهلة مختصرة تارةً ومبسوطةً تارةً أخرى.
وكنت فيما كتبتُه من تعريفات وتعليقات متثبّتاً حريصاً على التحقيق، وتحرير العبارة، وتوضيح الإشارة، مهما تيسر لي ذلك.
ولقد أدخلتُ في هذا المعجم – من باب الإلحاق والتوسع والتجوز – كثيراً من عبارات المحدِّثين التي لا تدخل في جملة مصطلحاتهم، وإنما ذكرتها لأشرح معانيها إذا كانت مشكلة أو مبهمة، أو لأنبه على فوائدها إذا كان استنباط تلك الفوائد مما قد يخفى على كثير من طلبة هذا الفن.
وأدرجت في هذا الكتاب أيضاً أكثر مصطلحات المخطوطات العربية، أي مصطلحات النسّاخ والكتّاب، وأكثر مصطلحات المحققين والطابعين لكتب الحديث خاصة ولغيرها عامة، وأكثر مصطلحات الحديثيين العصرية ورموزهم، وإن كان كثيرٌ منهم لا يتأهل أن يُعدّ في جملة المحدثين، فإنني إنما راعيت في اختيار عنوان هذا المعجم الأصل والأغلب والأهم، وهم المحدثون، والمحدثون في عرف المتأخرين إنما هم صنفان من الناس: علماء الحديث، ورواته المكثرون من روايته.
لقد كان شرطي الأول في هذا (المعجم) من حيث مضمونُه هو – كما يُرشد إليه عنوانه - أن أقتصرَ فيه على توضيح معاني مصطلحاتِ المحدثين وما جرى مجراها من غامض عباراتهم العلمية، وغريب كلماتهم النقدية، ولطيف إشاراتهم الذكية، ولكنني رأيت أن ألحق بذلك الشرح في مواضع كثيرة من الكتاب فوائدَ وتنبيهاتٍ متعلقةً بمعاني تلك المصطلحاتِ، أو متممةً لفهمها على أصح وجوهها وأقربِها إلى مرادِ أهلِها، وأيضاً استطردتُ فذكرتُ في مناسبات غير قليلة جملة من القواعد والضوابط وغيرها من المسائل التي لا تدخل في باب شرح المصطلحات، ولكنها تناسبها كثيراً وتتعلق بها تعلقاً متيناً.
إن كثيراً من الألفاظ والعبارات التي ترجمت لها في هذا المعجم هي إلى أسماء مسائل وأبواب موضوعات علم الحديث أقرب منها إلى مصطلحات المحدثين؛ ولكنني رأيت أن أذكرها محتجاً لجواز ذلك - أو متذرعاً إليه - بأمرين:
أولهما: أنه من باب ذكر الشيء لأدنى ملابسة، كما يقولون، ولأن عامة هذه المصطلحات والألفاظ المترجَمة هنا: بعضُها من بعض، فلا يتيسر فهم ركن – أو شطرٍ - منها، مثلاً، بغياب فهم معاني بقيتها.
وثانيهما: أني أردت أن يكون هذا المعجم شاملاً ميسراً، وأن يكون فيه قدر طيب من خصائص الكتب المؤلفة على طريقة الشمول والاستيعاب، والمسماة خطأً باسم (الموسوعات العلمية)؛ وقد راعيتُ فيه – أو حاولت ذلك - كلَّ مراتب من لعلهم يقفون عليه ويطالعونه؛ ولذلك لم أضقْ ذرعاً بما وقع عندي في تراجم الكتاب من تشابه وشبه تكرير، إذا لم أجد عن ذلك بديلاً أنزل به إلى رتبة التقريب والتيسير؛ وكذلك لم أملَّ مما وقع في كثير من المواضع من إسهاب أو شبه خروج عن أصل المسألة المشروحة، فالتوسع النافع والتسهيل الكافي والبيان الوافي وجمع الفوائد هي مقصداي الأول والأخير.
¥