تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تؤجر، ويكون لكلٍّ خمس أجرتها. هذا بالنسبة للملكية، وبالنسبة لبيع الشقة بعد وجود العمارة فله حكم خاص، فإذا كانت العمارة فيها ثلاثُ شقق، وأراد صاحبها أن يبيعها على ثلاثة أشخاص، وقال: أبيع هذه العمارة بينكم الثلاثة. صح البيع، وحينئذ تكون الأرض بذاتها، وشققها مشاعة بينهم، لكن لو قال لأحد: أبيعك شقة من هذه العمارة، وباع للثاني شقة، وباع للثالث شقة، فهنا لا يصح البيع على أصح أقوال العلماء رحمهم الله تعالى. والسبب في هذا أننا لو قلنا: إن الشقة تملك وحدها، يكون ملك صاحب الدور الأول الشقة الأولى، وملك صاحب الدور الثاني الشقة الثانية، وملك صاحب الدور الثالث الشقة الثالثة، فيبقى السطوح لا شقة فيه، فيأتي ويحدث شقة رابعة، ويبيعها على رابع، ثم يأتي ويحدث شقة خامسة ويبيعها على خامس، ويصبح السطح ليس ملكاً لأحد، بل ملك له متى ما شاء بنى فيه؛ لأنه إنما باع الشقق، وهو يملك الأرض ويملك سماءها، فإذا قلنا بصحة البيع للشقة بذاتها، فمعناه أنه يملك بدرومها وأساسها وما فيها، ويملك أيضاً عاليها، فيتصرف في العالي كما شاء، وهذا لا شك يدخل فيه الغرر؛ لأنه يخاطر بأصحاب الشقق، فأنت إذا بنيت العمارة على أنها -مثلاً- ثلاث شقق، أو على أنها ثلاثة أدوار، ليس كما لو أحدثت أدواراً فوقها. ثم إن هذه الشقة لو قلنا: إنه قد باع الشقة ويملك المشتري الشقة فقط، فهذه الشقة كم ستبقى؛ لأنه سيملك الشقة وحدها، فلا ندري أيطول أجل العمارة وهي باقية فيطول أجل الشقة؟ أم يقصر أجل العمارة؟ وقد تكون العمارة محكوماً عليها أنها خلال عشرين سنة، أو ثلاثين سنة ستنتهي، فإذا تهدمت فلمن تكون الأرض؛ لأنه باعه الشقة وما باعه الأرض. فالعقود لا بد أن تحدد، فإن كان يريد أن يبيعه فيبيعه بالمشاع، كأن يقول له: هذه عمارة لك ربعها، فكل يعرف حقه، وكل يعرف نصيبه، لكن أن يقول له: أبيعك شقة من عمارة، ولا يدرى كم تبقى، فكيف يصح هذا؟ وصحيح لو أننا اشترينا العمارة كذلك، لا ندري كم تبقى؟ لكن حتى لو فنيت في أقرب أجل، فإني أملك أرضها، أما أني أملك شقة فقط! ويزول ملكي بزوال الشقة! ولا أدري أقريب أم بعيد، ولا أدري كم بقاؤها، ويخاطر البائع ويغرر بالمشتري فلا، لكن لو ملكت الأرض، أو جزءاً من الأرض، ويكون لي ربع الأرض، فإني أنتفع بشقة، كأنها ربع قسمة، كما لو مات ميت عن دار وقسمت بين الورثة فلا إشكال، لكن أن يقال: أبيعك الشقة بعينها فهذا غرر، وهذا على أصح قولي العلماء، واختيار طائفة من مشايخنا رحمة الله عليهم، أنه لا يصح بيع الشقة لما فيه من الغرر؛ لأن الملكية تنصب على الشقة، ولا يكون لذات الأرض فيها ملك. وإذا قيل بملكيتها كأن يقال: بيع الشقق المراد به أن يملك الشقة، فتقسم العمارة بحسب الشقق، فإن الدور الرابع ليس ملكاً لأحد، فلو كان هناك ثلاث شقق، فباع للأول شقة وللثاني شقة، وللثالث شقة، فإن قالوا: نحكم بأن لكلٍّ شقة، فتصبح الأرض أثلاثاً، نقول: السطح ليس بمبيع، بل السطح ملك للبائع، فإن قلت: أقسمها أثلاثاً، قلنا: كيف جعلت من لا شقة له يقاسم الذي له شقة؟ وكيف جعلت قيمة السطح الذي لا شقة فيه بقيمة الشقة؟ إن قلت: أدخل صاحب العمارة شريكاً فتكون أرباعاً؟ فحينئذٍ ليس هناك تكافؤٌ؛ لأن السطح ليس فيه بناء كما في الشقة! وإن قلت: أدخله بجزء، فكم هذا الجزء؟ وإن قلت: لا أدخله، فإن الأرض في الأصل ملك له بكاملها، وقد باع شقة ولم يبع سطحها، ولم يبع ما فيها، فإن قلت: إن سطح العمارة يكون تابعاً للشقق، نقول: حينئذ من باع شقة فإنه يكون ما فوق الشقق تابعاً لهذه الشقة، وهذا لا يستقيم من ناحية فقهية، فلا يستقيم أن نقول: إنه يجوز أن تجزأ العمارة، ولذلك تقع مشاكل كثيرة في بيع الشقق، وبيع أجزاء العمائر من الشقق المملكة. وهناك قول ثانٍ، ولهذا القول وجهته، ومن اشترى شقة يتأول على هذا القول الثاني فلا بأس، وهذا حكمٌ مثل ما يختلف العلماء على قولين، لكن نحن نبين ما ظهر لنا بالدليل؛ فإننا لا نعرف في زمن السلف رحمهم الله تعالى أنهم كانوا يبيعون دوراً من العمارة، أو دوراً من الأرض، أو غرفة من الدار، إنما تباع إما بنسبة مشاعة، كنصف العمارة، أو ربعها، أو ثمنها، فيقول له: أدخل معك شريكاً، فبكم تبيع هذه العمارة؟ فإن قال: بمليون، قال: أنا أدفع نصف مليون، ونصبح شركاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير