تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شرح زاد المستقنع - باب بيع الأصول والثمار [3] تبادل المنافع بالبيع والشراء حاجة من حاجات الناس، ولما كانت النفوس مجبولة على استيفاء حظوظها والنظر في مصالحها دون مصالح الآخرين، فإن هذا قد يؤدي إلى النزاع في البيع والشراء فيما يستحقه كل منهما بالبيع، أو وقوع الغبن على أحدهما، فاقتضت تعاليم الشريعة المحكمة أن تضع شروطاً وضوابط وموانع لما يباع، وبيان حقوق البائع والمشتري في البيع، وبيان بطلان البيع .. إلى غير ذلك مما يجب على المسلم علمه حال البيع، وفي هذه المادة بيان لبعض هذه التعاليم الغراء في بيع الأصول والثمار خاصة. أحكام تتعلق بالبائع والمشتري بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلف الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين. أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [والحصاد والجذاذ واللقاط على المشتري]: ...... من يلزمه الحصاد والجذاذ واللقاط ونبدأ بالنخيل، فإن اشترى ثمرة مائة نخلة في هذا الصيف بعد بدو الصلاح والشروط متوفرة، وبعد أن تم البيع، وحان وقت جني المحصول، قال المشتري للبائع: النخل نخلك، والثمرة اشتريتها منك، فاحصده لي، فأنت الذي تجذ النخل، وعليك الجذاذ. وكما هو معلوم النخل تارة يؤخذ بثراً، وهذا يحتاج إلى التقاط، ورطباً يحتاج إلى التقاط، وتمراً يحتاج إلى جذ، فيجذ العرجون كله ثم يحصد ما فيه، فقال: أنا اشتريت منك ثمرة بستانك فالذي عليك، أن تجذ لي النخل، وتلتقط لي الرطب، وتلتقط لي البثر، قلت له: يا أخي أنا بعتك الثمرة، والحصاد والجذاذ عليك أنت! وهذا النخل موجود فادخل وخذ ثمرتك، أما أنا فكيف أتكلف هذا؟ لأن الحصاد يكلف بعض الأحيان عشرات الألوف، خاصة إذا كان النخل كثيراً وفيه مؤنة ومشقة، وفي مثل مواسم الحصاد. فيأتي السؤال: هل الحصاد والجذاذ على البائع، أو على المشتري؟ يقول رحمه الله تعالى: [والحصاد والجذاذ واللقاط على المشتري]، أي: أنت أيها المشتري عليك مؤونة جني الثمرة، فالثمرة ثمرتك وهو يمكنك من دخول البستان لجني المحصول، ويكون هذا بالمعروف، فإذا مكنك من ذلك فهذه ثمرتك، إن شئت تأخذها بلحاً وإن شئت تأخذها رطباً، وإن شئت تأخذها تمراً، فيخلي بينك وبين المبيع، أما أن تلزمه بالجذاذ، فهذا ليس من حقك. وقوله: [والحصاد]، الحصاد في الزروع، كحصد محصول الحب، والشعير، ونحو ذلك، فيقول البائع للمشتري: أنت الذي تحصد، فتأتي بمن يحصد لك هذا الحب الذي اشتريت مني. فتكون مؤونة الحصاد على المشتري لا على البائع. قوله: [والجذاذ]: كذلك جذ النخل، فإذا أراد أن يجذ نخله والثمرة التي اشتراها، تكون المؤونة والأجرة على المشتري لا على البائع. قوله: [واللقاط على المشتري] كذلك اللقاط، وهو الجني، مثل القثاء يلتقطها، ومثل الباذنجان والكوسة والباميا، ونحو ذلك من الأشياء التي تحتاج إلى التقاط، فإن مؤونة الالتقاط على المشتري، لا على البائع.

حالات يبطل بها البيع قال رحمه الله تعالى: [وإن باعه مطلقاً، أو بشرط البقاء، أو اشترى تمرا ً قبل بدو صلاحه بشرط القطع، وتركه حتى بدا، أو جزة أو لقطة فنمتا، أو اشترى ما بدا صلاحه وحصل آخر واشتبها، أو عرية فأثمرت، بطل والكل للبائع] قوله: [وإن باعه مطلقاً]: تقدم أن البيع المطلق هو الذي ليس فيه شرط التبقية ولا شرط القطع، أي: يبيعه بيعاً خالياً من الشرط، وينبغي على طالب العلم أن يتنبه إلى أن سياق الكلام هنا في الثمرة التي لم يبدُ صلاحها؛ لأن الكلام متصل بقوله: [ولا يباع ثمر قبل بدو صلاحه]. فيرد السؤال: الحكم أنه لا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، فلو حصل وباعه قبل بدو الصلاح؟ قال رحمه الله تعالى: [وإن باعه]، أي: قبل بدو الصلاح، [بيعاً مطلقاً ... بطل]، فالأصل يقتضي عدم جواز البيع، خلافاً للحنفية، إذ يرون أنه لو باعه بيعاً مطلقاً فإنه يجوز، ويجب على المشتري أن يقطع فوراً. فلو باعه بيعاً مطلقاً وتم البيع بينهما مخالفا للسنة التي ذكرنا، ومضى الحال سواءٌ علم الحكم أم جُهل، ثم بعد أربعة أشهر لما بدا الصلاح سأل أهل العلم، فقالوا: هذا البيع لا يجوز، فماذا يكون حكمه؟ الثمرة الآن صالحة، فهل تكون الثمرة ملكاً للبائع، بناء على أن البيع فاسد، والأصل أنها ملك له ولم تخرج من يده؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير