تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أو لقطة]، أي: من قثاء وباذنجان ونحوه، كالقرع والباميا، ونحو هذه الأشياء التي تلتقط، فاشتراها على هيئة ثم تركها حتى زادت، فالذي أوجب البيع عليه غير الذي صار إلى هذه الحالة، فوجب أن ينشأ العقد على الذي صار إليه الحال، ويلغى البيع في الأول. قوله: [أو اشترى ما بدا صلاحه وحصل آخر واشتبها]: أي: إذا اشترى ما بدا صلاحه، وحصل آخر، أي: زيادة على الذي اتفقا عليه، واختلطت الزيادة بالأصل، و [اشتبها]، فما استطاعا أن يميزا الذي اتفقا عليه من الذي لم يتفقا عليه، فحينئذ يصير المال ما بين حلال وحرام، والقاعدة أنه إذا اشتبه الحلال بالحرام، حرم الكل، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه، في كلب الصيد إذا أُرسل للصيد، وأكل الكلب من الفريسة، قال صلى الله عليه وسلم: (وإن أكل فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون إنما أمسك لنفسه)؛ لأنه إذا أكل من الفريسة فيحتمل أنه أمسك لك فصيده حلال، ويحتمل أنه أمسك لنفسه، فصيده حرام، فقال: (إن أكل فلا تأكل). فإذا أكل وجلس على الفريسة يأكل منها فهذا لا إشكال فيه؛ لأنه أمسك لنفسه، لكن إذا أكل منها، ثم جاءك بفضلته فحينئذ يحتمل أن يكون صاد لنفسه، ثم من باب الوفاء جاء لسيده بالباقي، أو أنه صاد لسيده، فلما ذاق حلاوة اللحم ولذة الفريسة نهش منها، كأنه يرى أن سيده لا يضربه ولا يؤذيه، فيحتمل أنه صاد لسيده فعلاً، لكن الكلب -أكرمكم الله تعالى- لا ينطق ولا يتكلم، وإنما يباح صيده إذا صاد لك، ويحرم إذا صاد لنفسه؛ لأن الله تعالى يقول: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ [المائدة:4] فدل على أنه إذا لم يمسك لك لا يجوز لك الأكل؛ لأن كلاب الصيد والجوارح، كالصقور، والبوازي، والشواهين والنسور ونحوها، يصح صيدها إذا لم تأكل، أما لو أكلت فلا، فالصقر -مثلاً- إذا أرسلته وأكل من الفريسة فحينئذ لا يؤكل منها؛ لأنه اختلط الحلال بالحرام، فهناك موجب يقتضي الحل، وهو كونك أنت الذي أرسلت، وذكرت اسم الله تعالى، وأنت الذي حددت الفريسة، وهناك موجب يقتضي الحرمة؛ لأن شرط حل صيدها أن لا يأكل، فلما أكل اشتبه أن يكون أمسك لنفسه ولم يمسك لك، فإذا اشتبه الحلال بالحرام، حرم الكل. ولذلك نقول: القاعدة أنه إذا اجتمع حاظرٌ ومبيح، قدم الحاظر على المبيح، والسبب في هذا أن الحاظر والحرام أمرك الله تعالى باجتنابه، والحلال لم يأمرك الله تعالى بأخذه، فحينئذ تعارض الأمر مع ما هو دونه، فقال العلماء: إذا تعارض الحاظر والمبيح، قدم الحاظر على المبيح. ومن هنا قالوا: إذا اشتبهت ميتة بمذكاة حرمتا، وإذا اشتبهت زوجة بأجنبية حرمتا، فلو كان هناك امرأتان متشابهتان تماماً وكانت إحداهما زوجة لإنسان، فجاء ودخل فوجد امرأتين كلتيهما شبه لزوجته، لا يدري هذه زوجته أو هذه، وقد يقع هذا في بعض الأحيان كما كان يقع في القديم في سفر القوافل، فقد كان يقع بعض اللبس، فإذا لم يتحرَّ ولم يتأكد أنها زوجته لم يجز له أن يقدم على غرة؛ لأنه ربما وطئ في حرام، والله تعالى أمره باجتناب الحرام. إذاً: اجتمع الحاظر والمبيح، قدم الحاظر على المبيح. وهنا إذا اشتبه ماله الذي اشتراه، وهو ملك للمشتري والمال الذي حدث في ملك المشتري وجب ترك الكل، وتصحيح العقد ما أمكن. قوله: [أو عرية فأثمرت]: العرية: من العرايا، سميت بذلك لأنها تعرى من البستان. والعرايا: أن يباع الرطب على رءوس النخل بخرصه تمراً، وليس الرطب بمجني؛ إذ المجني لا يباع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر، لكن يباع على رءوس النخل. فلو فرضنا أن رجلاً عنده تمر سكري، لكنه أحب أن يأكل بدلاً منه رطباً، ففي الأصل لا يجوز بيع الرطب بالتمر؛ لعدم وجود التماثل، فرخص النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع العرايا بخرصها تمراً، في قدر خمسة أوسق، كما في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه وأرضاه، فإذا كانت العرية في خمسة أوسق فما دون صح، أي: أن يؤخذ منه ثلاثمائة صاع؛ لأن الوسق ستون صاعاً، فيبيع نخلاً عرايا في حدود ثلاثمائة صاع، فإذا نقص عن ذلك جاز، ولو زاد لم يجز. فلو فرضنا أن النخلة فيها عشرون صاعاً، فخرصها الخارص وقال: هذا الرطب إذا صار تمراً يصير عشرين صاعاً، فقلت له: إذاً أعطيك عشرين صاعاً من التمر الذي في الأرض بهذه العريا التي فيها عشرون صاعاً،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير