تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى أجل معلوم بثمنٍ معلوم، ويعطيه الثمن نقداً، هذا بالنسبة للمكيلات والموزونات، والمعدودات مثل ما يقع في بيع السيارات الموجودة الآن، يأتي ويقول لك مثلاً: السنة القادمة هناك نوع من السيارة سواءً كانت من هذا الصنف أو من هذا الصنف قيمتها عشرة آلاف ريال، أو قيمتها مائة ألف ريال فتدفع المائة ألف ريال مقدماً، قبل أن يأتي ما يسمى بالموديل أو بأي اسم يعبر عن الصنف الذي يهيأ للسنة القادمة تدفع المعجل مائة ألف أو مائتي ألف تدفع القيمة ثم يعطيك أوصاف السيارة كاملة، هذا إذا قيل بجواز السلم في المعدودات؛ لأن السيارة من المعدودات؛ ولأن من العلماء من يرى أن السلم لا يقع إلا في مكيل أو موزون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أسلف فليسلف في كيلٍ معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم)، وهناك من يرى أن المعدود كالمكيل والموزون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نبه بالمثل على مثله، ولم يرد استثناء المعدود كما ورد في بيع الربا، ولذلك قالوا: يبقى المعدود منبهاً عليه بالنظير على نظيره، فإذا قلنا بأن المعدود يقع فيه بيع السلم، فحينئذٍ يمكن أن يعطيه -مثلاً- مائة ألف لقاء السيارة أو لقاء السيارتين أو الثلاث أو اشترى منه دفعةً من السيارات من نوعٍ معين أو من صنف معين قال: هذا النوع إذا حضر فأنا: أشتريه منك بمليون أو بنصف مليون، كذلك أيضاً ربما يقع في المعدودات من أدوات الكهرباء فيقول له: أريد منك مائة غسالة أو مائة ثلاجة -مثل ما يقع بين التجار بعضهم مع بعض- هذه المائة غسالة أو المائة ثلاجة أريدها إلى أجل معلوم وهذا ثمنها، فإذاً هذا البيع فيه توسعةٌ على البائع من جهة كونه استفاد بثمنٍ معجل أو استفاد بزرع أرضه وأخذ ثمنٍ معجل، وتوسعةٌ على المشتري بتخفيف القيمة عليه.

مشروعية السلم والسلم والسلف لغتان، يقال: السلم ويقال: السلف، والسلف لغة أهل المشرق، والسلم لغة أهل الحجاز، والأصل في مشروعيته دليل الكتاب في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282]، كان ابن عباس رضي الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن يقول: (أشهد أن الله قد أحل السلم) ويتلو هذه الآية، وكأنه يرى أن هذه الآية نزلت في السلم؛ وذلك لأنها نصت على الدين، وبيع السلم يكون على إسلام الثمن وتعجيله والسلف في الْمُسلَّم وتأجيله، وأما دليل السنة فما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أسلف فليسف في كيل معلوم ووزنٍ معلوم إلى أجلٍ معلوم)، فهذا الحديث -كما يقول العلماء- أصلٌ في مشروعية السلم، وكذلك حديث الأنباط من الشام أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسلفونهم في الحنطة ويعطونهم من الغنائم إذا غنموها إلى أجلٍ معلوم، وسئلوا: هل كان لهم زرع أو لم يكن لهم زرع؟ قال الراوي: ما كنا نسألهم عن شيء من ذلك. فاتفقت هذه الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشروعية السلم وجوازه، ومن هنا أجمع العلماء على جواز بيع السلم. ومناسبة ذكر بيع السلم بعد باب النسيئة أن باب النسيئة ثبت فيه التحريم لبيع الدين بالدين، وبينا فيه أنه لا يجوز بيع الدين بالدين ثم ذكرنا الصرف وبينا في الصرف حرمة النسيئة من الطرفين أو من أحدهما، فلما كان الكلام متعلقاً بالصفقات المشتملة على البيوع المؤجلة، وكان بيع السلم بيعاً مؤجلاً مرخصاً فيه ناسب أن يذكر المباح المستثنى من المحرم فيما سبق، ومحل بيع السلم إذا لم يكن في الربويات، فإذا كان في الصنف الربوي كأن يقول له: أعطيك مائة صاع من البر بمائة صاع من البر مع اتحاد الصنف لا يجوز، أو أعطيك مائة صاع بر الآن وتعطيني مائة صاع شعير، أو أعطيك مائة صاع بر الآن وتعطيني مائة صاع من التمر السكري، فهذا لا يجوز؛ لأنه لا بد في البر مع التمر أن يكون يداً بيد، سواءً اتحد الربوي أو اختلف، هذا حاصل ما يقال في مقدمة باب السلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير