تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا بيع معجل وأما إذا قال: إلى نهاية الحصاد فإن الحصاد لا ينضبط، هناك حصاد معجل وهناك حصاد وسط وهناك حصاد مؤجل، فمثلاً إذا قال له: إلى حصاد النخل، فالنخل منه ما يجد مبكراً عند بداية استوائه تمراً، ومنه ما يتأخر إلى نشاف العرجون وقد يأخذ العرجون في النشاف ما يقرب من شهر كامل، فلو قال له: إلى الحصاد فيبس الثمر، فإنه يقول: أنا قصدت أول اليُبس، فيقول الآخر: لا. بل قصدت قطعه من على النخل، أو قصدت تمام اليبس، فيقع بينهما التنازع، فكما يقع النزاع الصفات وغير المنضبطة كذلك يقع في الآجال غير المنضبطة. قال رحمه الله: [ولا إلى يوم إلا في شيء يأخذه منه كل يوم كخبز ولحم ونحوهما]. (ولا إلى يومٍ) يقول: في غدٍ مثلاً، إلا في مثل خبزٍ يأخذه يومياً، مثلاً لو قال له: هذه خمسمائة ريال، كل يومٍ يأتيك فلان ويأخذ منك عشرة آصع من تمر كذا، ويكون شخصاً يتصدق على غيره، فيقول لوكيله: سأجعل لك عند بائع التمور الفلاني عشرة آصع لمدة عشرة أيام، هذه المائة صاع أريدك كل يوم تأخذ منها عشرة آصع وتفرقها على مساكين بني فلان، فهذا الوكيل الذي سيقبض، سيقبضها مقسطة. كذلك أيضاً في المكيلات، فالحليب -مثلاً- يباع باللتر، فقال له: يأتيك ابني كل يوم ويأخذ كيلو حليب، لمدة ثلاثين يوماً في الشهر، وهذه مائة وخمسون ريالاً لقاء الحليب، كل يوم تعطيه كذا وكذا، ويقع أيضاً في البقالات، مثلاً يجد شخص أيتاماً أو أرملة يحتاجون إلى طعام يوم، وهذا الطعام من جنس ما ينضبط، فيقول لصاحب البقالة -إذا رخص بمعدود كالخبز- هؤلاء الأيتام سيأتونك كل يوم فأعطهم مثلاً بعشرة ريالات، ثلاثة ريالات مثلاً لخبز من نوع كذا وكذا، وثلاثة ريالات للجبن من نوع كذا وكذا، فيحدد المعدود والموزون والمكيل، فيأتي كل يوم ويأخذ قسطاً، فهذا سلم مقسط في الأيام فحينئذٍ يجوز ولا حرج.

الشرط الخامس: وجود المسلم فيه وقت التسليم قال رحمه الله تعالى: [الخامس: أن يوجد غالباً في محله ومكان الوفاء لا وقت العقد]. يشترط في صحة السلم أن يكون المبيع موجوداً في محله في غالب الظن مثلاً: عندنا التمر، فالتمر يكون رطباً ثم يتمر، والرطب لا يوجد إلا في زمان معين وفي موسمٍ معين، لكن التمر يمكن أن يوجد في زمان الصيف، ويمكن أن يوجد في زمان الشتاء إلا أنه في زماننا -بفضل الله عز وجل- لوجود الثلاجات والبرادات أمكن إيجاد الرطب في زمان غير زمانه، لكن في القديم الرطب غير موجود في حال إكنان النخل، وهو عدم وجود الطلع، وكذلك في بداية الطلع، فالرطب لا يوجد إلا في زمانه ووقته، فلو أنه أسلم له في شيء لا يوجد في زمان فحدده إلى نهاية شوال، وفي نهاية شوال لا يوجد هذا الشيء سواءً كان من جنس الأطعمة أو من جنس الأقمشة أو من جنس المبيعات الأخرى، لم يصح السلم، والسبب في هذا أنه على هذا الوجه يكون قد دخل في الغرر، وأصبح السلم غير غالب على الظن وجوده، فمن هنا لا يصح على هذا الوجه.

الحكم إذا تعذر الوفاء بالمتفق عليه في السلم قال رحمه الله: [فإن تعذر أو بعضه فله الصبر أو فسخ الكل أو البعض]. إذا كان الشيء يوجد في زمن الأجل، ثم لما جاء زمانه أصابت الناس جائحة -والعياذ بالله- فتلف التمر، وكان قد أسلمه تمراً إلى نهاية شهر معين يوجد فيه تمر، فجاء الشهر والتمر غير موجود، فإذا وقعت هذه الحادثة واختصم البائع والمشتري فقال البائع: إنني قد قبلت منك هذا المبلغ وأنا أظن أنه يوجد، فإذا به لم يوجد، أو جاءت جائحة وأخذت التمور وأتلفتها. فحينئذٍ يخير المشتري بين أمرين: إن شاء طالب البائع أن يأتي له بمثل ما اتفقا عليه فيدبر أمره فيقال للبائع: أنت اتفقت معه، فحينئذٍ تأتي بمثل هذا الشيء، فيذهب ويبحث حتى يجد مثل ما اتفقا عليه؛ لأنه حق من الحقوق، وإن شاء قال له: أصبر عليك هذه السنة، وإن شاء الله السنة القادمة تعطيني ما اتفقنا عليه، وأمهله وأنظره، وهذا هو الأفضل والأكمل له: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280]، فإن هذا من العسر. [فله الصبر أو فسخ الكل أو البعض]. (فله الصبر)، أي: للمشتري (أو فسخ الكل أو البعض) فسخ الكل إذا لم يوجد، (أو البعض) مثلاً: إذا قال له: أسلمتك بمائة صاع، فأعطاه خمسين ولم يستطع أن يوجد الخمسين الباقية فحينئذٍ نقول له: أنت بالخيار إن شئت أمضيت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير