تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أُلغي القديم ونزل الجديد منزلته اسماً وصفة فإنه يأخذ حكمه، سواءً بسواء، فلو قلت: إنه ورق، نقول: إن الورق لا قيمة له، ولا تجب الزكاة فيه. فإن قيل: إنه ورق له قيمة فنزل منزلة الذهب والفضة نقول: إن ورق كتب العلم له قيمة، والدفاتر لها قيمة، وغيرها من الأوراق لها قيمة؛ لأنها كلها لها قيمة شرائية، فلو كانت مسألة القيمة توجب الزكاة لوجبت في الأوراق؛ لأن العبرة بالرصيد. وبناءً على ذلك: إذا ألغي القديم ينظر في الجديد، فإن نزل منزلته من كل وجه صار آخذاً حكمه من كل وجه، فلو استدان منه مائة ريال فضة قديمة قضاها مائة من الفضة القديمة إن وجدت، فإن لم توجد قضاها بالورق، ونزل الموجود من الورق منزلتها.

تسديد القروض المثلية بالمثل وقوله: [ويرد المثل في المثليات] مثلما ذكرنا أن المثلية تستلزم الجنس والنوع والقدر والصفة، فمثلاً: لو استلف بعيراً بكراً أو خياراً فإنه يرد الجنس بالجنس، والنوع بالنوع، والسن بالسن الذي هو القدر، فقدره في السن بكر ببكر .. رباعي برباعي .. جذعة بجذعة .. وابن لبون بابن لبون، مثِلاً بمثل، ذكر بذكر، أنثى بأنثى، فإذاً: يرد المثل في المثليات، وعلى هذا يكون العدل، وكما قال الله تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279] (وإن تبتم) أي: في مسألة الديون، (تَظْلِمُونَ) أي: الناس، حينما أخذتم رأس المال لم تأخذوا زائداً عن حقكم، (وَلا تُظْلَمُونَ) لأنكم لم تبخسوا حقوقهم، فأخذتم رأس مالكم وحقيقة ما دفعتموه، وعلى هذا لابد من التماثل، هذا في القديم، ونفس الشيء في الجديد، فلو اقترض منه سيارته أو أدوات أو فراشاً، فإنه ينظر إلى جنسه ونوعه وصفاته ويرد مثله في الصفات وفي الجنس وفي النوع.

تسديد القيمة عند عدم وجود المثل وقوله: [والقيمة في غيرها] المثليات قالوا: في المكيل كيلاً، وفي الموزون وزناً، وفي المعدود عدداً، أما إذا تعذر أن يصير إلى المثل حينئذٍ صار إلى القيمة، فالدراهم والدنانير إذا أُلغيت وجيء بعملة غير العملة القديمة بأن كانت القديمة من الذهب فصارت من الفضة، فإنه ينظر إلى القيمة، عِدل الذهب من الفضة في ذلك الزمان يوم القرض، إن قالوا: يعادل خمس جنيهات، فحينئذٍ هذه الخمس جنيهات الموجودة الآن تقضى له خمس جنيهات، فينظر إلى المثلي يوم القرض؛ لأنه فيه خلاف، فبعض العلماء يقول: يعتبر يوم القرض، وبعضهم يعتبر بيوم القبض، وهذا هو الصحيح، وهو أننا إذا كنا نقول: إنه يملك بالقبض فمعناه أن ذمته شغلت بالقبض، وعلى هذا ينبغي أن يتقيد بالقبض. فلو أنه اقترض سيارة في شهر رجب وهذه السيارة قبضها منه في شعبان، وكانت قيمتها في رجب خمسة آلاف، وفي شعبان قيمتها أربعة آلاف، فحصل القبض في شعبان، ثم تصرف في السيارة حتى تلفت ولا يوجد لها مثلي، فحينئذ نصير إلى القيمة، فإن نظرنا إلى العقد يوم القرض فهو في شعبان وهو قبضها في رمضان، فإذا جئنا يوم الاتفاق والعقد في شعبان وكانت قيمتها خمسة آلاف، ويوم القبض والتصرف في رمضان كانت قيمتها أربعة آلاف اختلفت القيمة، قالوا: العبرة بيوم القبض وهذا هو الصحيح، أنه إذا استلفها منه نظر إلى يوم القبض؛ لأن الملكية تصير إليه وتتعلق بذمته عند القبض، فصار مشغول الذمة وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس، ونص الإمام أحمد رحمه الله على هذا كما ذكر ذلك الإمام ابن قدامة في المغني. وقوله: [فإن أعوز المثل: فالقيمة إذاً] مثل السيارات التي ينقطع موديلها ولا يوجد لها مثيل فينظر إلى قيمتها، ولا يصار إلى القيمة إلا إذا أعوز المثل، ومن هنا تتفرع المسألة في اختلاف القيمة الشرائية للعُمل، فإن استسلف شخص عملة بالدولارات، والدولار قيمته عشرة ريالات في عام ألف وأربعمائة، ثم أصبحت قيمته في عام ألف وأربعمائة وثمانية عشر -عند القضاء- عشرين، فحينئذٍ هل نقول: إنه يجب أن يقضيه نصف القيمة؛ لأنه قد زاد عن الأصل الذي أخذ به، أم نقول: يجب أن يعطي المثل بغض النظر عن قيمته؟ نقول: يجب أن يعطي المثل بغض النظر عن قيمته غالياً أو رخيصاً، والسبب في هذا قاعدة سبق وأن بيناها: أن الغنم بالغرم. وبناءً على ذلك: في العملة؛ إذا استدان منك مائة دولار إلى السنة القادمة فمعناه أنه قد رضي بخسارتها ورضيت أنت بخسارتها، ورضي بما يكون من ربحها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير