تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ينحبس عن النعم حتى يسدد دينه، وهذا أمر عظيم، فالرهن أصله الحبس: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38] أي: مرهونة، فعلى هذا لا يجوز أن يؤخر ويماطل، ومن السنن العجيبة أن الشخص إذا يسر الله له القضاء فماطل وأخر فإن الله لا يوفقه للقضاء إلا فيما ندر، ولذلك قل أن تجد صاحب تجارة يأخذ الأموال من الناس ولا يبادر بسدادها إلا وجدته يدخل من دين إلى دين ومن دين إلى دين حتى تستنفد تجارته ويصبح رأس ماله في التجارة أقل بكثير من الدين، فعلى الإنسان أن يتقي مثل هذه الأمور، وإذا قدر على السداد أن يبادر بسداد أموال الناس ورد حقوقهم إليهم كاملة حتى يكون ذلك من باب الوفاء وأداء الحقوق إلى أهلها، والله تعالى أعلم.

حكم بيع التمر وهو في رءوس النخل السؤال: في بيع التمر وهو في رءوس النخل أليس في هذا جهالة في المقدار؟ الجواب: في بيع الثمار يباع الثمر على رءوس النخل خرصاً، يأتي الرجل الخبير ويخرص، وكل فلاح يعلم هذا، أنه إذا جاء أحد يريد أن يشتري ثمرة بستانه، لا يأتي وحده إلا إذا كان عنده خبرة ومعرفة، أما إذا لم تكن عنده خبرة فيأتي برجل له خبرة بالثمرة وبالسوق، فينظر في النخل ويقول: هذا النخل يخرج منه مثلاً: ثلاثة آلاف صاع، وهذه الثلاثة آلاف صاع غالباً تكون قيمتها إن كان السوق طيباً مثلاً: ثلاثين ألفاً، وإن كان السوق وسطاً تكون القيمة مثلاً عشرين ألفاً، وإن كان السوق رديئاً تكون القيمة عشرة آلاف، فيعطيك سعراً تقريبياً، إذاً: إنما جاز بيع الثمر بعد بدو صلاحه على سبيل الاستثناء، ولذلك لا يرد عليه ما يرد على الأصل. ومن هنا قال العلماء رحمهم الله: بيع الثمرة على رءوس النخل مستثنىً من بيع الغرر؛ لأن الأصل أن يُعلم قدر المبيع، وأن يكون المشتري على علم بما يكون من الثمرة رطباً كانت أم تمراً، ولكن أُبيح ذلك من باب التوسعة على الناس وهو مستثنىً من الأصل الذي ذكرناه، والله تعالى أعلم.

استغلال شهر رمضان السؤال: نطلب كلمة توجيهية حول استغلال ما تبقى من شهر رمضان المبارك في طاعة الله سبحانه وتعالى وغير ذلك من الأعمال الصالحات؟ الجواب: نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبارك لنا فيما بقي من هذا الشهر الكريم، كما نسأله تعالى ألا يختم لنا هذا الشهر إلا بعتق من النار، وفوز بالرحمة والمغفرة والعفو عمّا سلف وكان، ومما أوصي به إخواني ونفسي تقوى الله عز وجل، ومن غيب النية الصالحة في الخير أعانه الله على الخير، ومن كانت نيته على الطاعة والبر قوى الله عزيمته وسدده ووفقه وأرشده، قال تعالى: إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً [الأنفال:70] فالله تعالى اختار القلوب للنظر، فأول ما أوصي به أن تغيب في سريرتك لما بقي من هذا الشهر خيراً، وأن تعزم في قرارة قلبك أن تعمر هذه الأوقات والساعات واللحظات في طاعة الله ومرضات الله. أما الأمر الثاني: فالحرص على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم لعمارة ما بقي من هذا الشهر في الطاعات والتي من أحبها كثرة تلاوة القرآن، فطوبى ثم طوبى لمن وفقه الله لحب القرآن، وإذا أردت أن يبارك الله لك فيما بقي من شهرك، بل ويبارك لك فيما بقي من عمرك، فالزم كتاب الله: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، طوبى ثم طوبى لمن جعل الله القرآن ربيع قلبه، ونور صدره، وجلاء حزنه، وذهاب همه وغمه، وسائقه وقائده إلى رضوانه والجنة، طوبى لعبد عكف على كتاب الله يتلوه قائماً وقاعداً، يتلوه آناء الليل، يتقرب به إلى الله ويرجو به رحمة الله، يقف عند آياته ويخشع لعظاته، ويتدبره ويتلوه حق تلاوته. فخير ما يُوصى به أن يكثر العبد من تلاوة القرآن، فإن أكثرت من تلاوة القرآن أصلح الله قلبك، فإن الله تعالى يقول: قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ [يونس:57] وإذا شُفي ما في صدرك، وجعل الله القرآن أنيساً لك وجليساً، فعندها انشرح صدرك للخيرات، واطمأن قلبك بذكر الله والطاعات، وأصبحت مشمراً عن ساعدك في مرضات الله جل جلاله، وما فاز السلف رحمهم الله إلا بتوفيق الله أولاً وآخراً، ثم بتلاوة القرآن، وانظر إلى أفضل الناس طاعة وبراً تجده ملازماً لكتاب الله ليلاً ونهاراً. القرآن مفتاح كل خير، ومفتاح كل بر؛

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير