تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لأنهم يعرفون أنه سيشارك في هذه الفئة عدد أكبر، فيدفعون مثلاً: من خمسين ريالاً إلى ستمائة ريال لمدة ثلاثة شهور، وفي بعض الأحيان يحددون ويقولون: تدفع مائتي ريال شهرياً، فإذا دفع مائتي ريال شهرياً لمدة ثلاثة شهور هذه ستمائة ريال، والستمائة ريال يقولون: يلتزم المصرف بردها، ولكن يجمعون أسماء المشاركين كلهم، ثم توضع القرعة، ومن خرجت له القرعة أخذ الفائدة أو الجائزة الموجودة، وتقسم أرباح هذه الفئة كلها على عشرة أشخاص، يكون للأول ألف، وللثاني ألفان، وللثالث أربعة آلاف ... إلخ. فنلاحظ أن عندنا فئة (أ) وفئة (ب) وفئة (ج)، هذه ثلاث دركات -نسأل الله السلامة والعافية- فئة (أ) وفئة (ب) لها دراسة مستقلة، أما فئة (ج) فسنركز عليها أكثر؛ لأن البعض أفتى بجوازها، وأدخل بعض الشبهات في الحكم بجوازها، فسندرس فئة (أ) و (ب) على حدة، ثم بعد ذلك ندرس فئة (ج). فئة (أ) و (ب) حينما يقال: تدفع ما بين خمسة آلاف إلى عشرة آلاف، وتلتزم ببقاء المبلغ ثلاث سنوات، وتلتزم أيضاً بعدم السحب منه وتعطى فائدة كذا، ما حقيقة هذا العقد؟ أولاً: هو قرض، وثانياً: اشترط فيه وجود المنفعة والزيادة، وهذا بإجماع العلماء ربا محرم؛ وهو مخالف لقوله تعالى: فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:279]، فإذا أعطاه بزيادة -سواءً حدد المدة أو لم يحدد المدة مادام أنه يقول: آخذ منك هذا الدين وأرده بزيادة كذا وكذا سواء قلت الزيادة أو كثرت- فإنه الربا الذي حرم الله ولو ريالاً واحداً، فإن اشتراط هذه الزيادة قليلة كانت أو كثيرة هو عين الربا. الأمر في (أ) و (ب) واضح جداً ولا إشكال فيه، لكن الإشكال في فئة (ج)، فما هي الشبهة وكيف جوابها؟ قالوا: أولاً: في فئة (ج) المصرف أو البنك لم يلتزم أن يعطيك فائدتك إنما هو قال: تدخل في القرعة، فيحتمل أن تربح ويحتمل ألا تربح، فإذاً: حينما دخل العميل في الاستثمار لم يشترط على المصرف أن يربح ولم يشترط المصرف له أن يعطيه الزيادة، فإذاً: خلا عن قرض شرط فيه النفع, وأصبحت الزيادة بدون اشتراط، فهي جائزة، وغاية ما فيه أن المصرف تفضل بإعطاء هذه الزيادة وهذا الربح من باب المكافأة، والمكافأة على الدين جائزة، هذا بالنسبة للشبهة التي تثار في فئة (ج)، أنه لم يلتزم بإعطاء الفائدة وإنما وقع ذلك على سبيل الاحتمال، وإنما تحرم الزيادة إذا كانت على البت، كما لو أقرض الشخص شخصاً يحتمل أن فيه مكافأة ويحتمل أن لا يعطيه مكافأة، فتردد بين الزيادة وعدمها، قالوا: فيجوز. والجواب عن هذه الشبهة: أن يقال من وجوه: الوجه الأول: أن دخول العميل في هذا النوع من شهادات الاستثمار إنما قصد منه الربح والنماء، لم يدخل أحد في هذا الاستثمار لمجرد أن يحفظ ماله إنما دخل من أجل أن يربح، والمقاصد معتبرة في العقود، وعلى هذا كأنه يدين من أجل أن يربح. الوجه الثاني: أن هذا الربح لو كان مكافأة فإنه مبني على أصل محرم، والمكافأة من المحرم فرع راجع إلى أصله، وما بني على حرام فهو حرام، وبناءً على ذلك: لو سُلم جدلاً أنه مكافأة، فإننا نقول: إنه يعتبر من مال محرم، والمكافأة من المحرم محرمة؛ لأنها مأخوذة من فوائد من الإيداع ومكافأ بها العميل، وعلى هذا فلا يمكن التسليم بأنها من المكافأة؛ لأن العميل دخل وقد علم المكافأة، وحددت له، وبينت له، ووضع المال قاصدها، وشرط المكافآت أن لا يكون هناك علم أو تواطؤ أو إخبار، فلو قال له: ادفع لي عشرة آلاف يمكن أن أعطيك عليها ربحاً أو لا أعطيك لحرمت بالإجماع، قال له: إذاً: أشترط عليك أنه إذا يسر الله تعطيني وإذا لم ييسر فلا تعطيني، فهنا يقول: أشترط عليك إن ظهر اسمي أعطيتني، وإن لم يظهر اسمي فلا تعطيني، فلا يوجد فرق بين الحالتين. فإذاً: التذرع بأن خير الناس أحسنهم قضاءً، هذا ليس بوارد، إنما يكون ذلك لو خلا عن المقصد، وجاء بدون قصد ولا عدة، وهنا جاء بقصد؛ لأنه دخل وهو يريد، وجاء بعدة محتملة، أي: إن ظهر اسمك كان لك وإن لم يظهر فلا، فالتذرع بمثل هذا لا يصح ولا يستقيم. الآن عرفنا الشبهة وجوابها، وعندنا شبهة سبق وأن نبهنا عليها، وهي: أنه يتذرع في شهادات الاستثمار بأنها من باب القراض، ولو فرضنا أن وجائز، كأن يدفع رب المال إلى العامل ماله على أن يتجر به والربح بينهما على ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير