تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإجارة، وهناك فرق بين الجعل والإجارة؛ لأن الحديث في الصحيح: (اجعلوا لنا جعلاً)، فإذا قلنا: إن القراءة بالقرآن على المرضى والمصروعين والممسوسين جُعل؛ فيكون الأمر فيها أشد، فإذا قرأ القارئ على المريض، فإنه لا يستحق المال إلا إذا شُفي؛ لأن النص الذي ورد باستحقاق أخذ الأجرة على القراءة بالشفاء، وإنما أخذ الصحابة رضوان الله عليهم الأجر بعد الشفاء. ومن هنا فكون بعض القراء يفتحون عيادات، فتجدهم يأخذون مبالغ كالرسوم قبل أن يقرءوا على المرضى، فهذا لا يخلو من نظر؛ لأنه لا يتأتى فيه الجعل وإنما هو إجارة، وليس هذا من ضرب الإجارة، وإنما تكون القراءة هبة من الله سبحانه وتعالى: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) لمن قرأه فأعطاه حقه، وجعل الله عز وجل ثمرة هذا التوجه إليه سبحانه وتعالى بقراءة القرآن الإخلاص، فإنه يجعل له أجر الدنيا والآخرة، فيجعل له عاجل البشرى من الدنيا إذا أُعطي شيئاً أن يأخذه للسُّنة، وإن أحب أن لا يأخذ وأن يختار أجر الآخرة: قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ [سبأ:47]، فهذا أكمل وأعظم أجراً، وهو أوجب لنزول البركة له إلى أن يقبضه الله عز وجل، فقلّ أن تجد قارئاً لا يأخذ من الناس إلا وتأذَّن الله ببقاء البركة والخير في قراءته. فكون القراء يفتحون العيادات، ويكون هناك أناس يقبضون أجرة معيّنة، ويجلس معهم الجلسة الأولى لكي يبين أنه ممسوس أو مسحور أو كذا، فهذا أمر فيه توسُّع، ويحتاج إلى إعادة نظر ودراسة شرعية، يحصل من لقائها الحكم بأن هذا عمل شرعي؛ لأنها تصبح أشبه بالتكسب الدنيوي المحض. ومسألة: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) إنما هو في جُعل، والجُعل ثابت في النص، قال: (اجعلوا لنا جُعلاً)، ومن قواعد الشريعة أن ما كان من باب الجعل فلا يستحق إلا بعد تمام الشفاء الكامل؛ لأن الجُعل يخالف الإجارة، وسيأتينا هذا، وهذا مقرر عند العلماء: أن الإجارة تُستحق شيئاً فشيئاً، فلو قام بنصف العمل، فإنه يستحق نصف الأجرة، لكن في الجعل لا يستحق شيئاً حتى يأتي بالعمل كاملاً، فإن كان قد جعل له جُعلاً على أن يقرأ على مريضه فيُشفى، فلا يستحق إلا إذا شفي المريض. ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يُلهمنا الصواب في القول والعمل، وأن يعصمنا من الزلل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

شرح زاد المستقنع - باب الرهن [3] من أحكام الرهن ومسائله: أن يد المرتهن يد أمانة، ما لم يتعد أو يفرط ويقصر في حفظ الرهن، أما إذا تعدى المرتهن أو قصر فإنه يضمن، ومنها: عدم انفكاك الرهن مع بقاء بعض الدين، ومنها: بيع الرهن عند انتهاء الأجل سواء من المرتهن أو من القاضي، ومنها: أنه إذا تلف بعض الرهن فباقية رهن، وغيرها من المسائل والأحكام المفصلة في هذه المادة. يد المرتهن يد أمانة ما لم يتعد أو يفرط بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [وهو أمانة في يد المرتهن إن تلف بغير تعدٍ منه فلا شيء عليه]. قوله: (وهو أمانة في يد المرتهن)، هذه الجملة قصد المصنف رحمه الله أن يبيِّن فيها حُكم الرهن: هل هو أمانة أو مضمون؟ وهل يد المرتهن تُعتبر يد أمانة فلا تَضمَن إلا إذا فرَّطت، أم أن يده يد ضمانٍ فتضمن مطلقاً؟ وتوضيح هذه المسألة: لو جئت إلى رجل وقلت له: بعني بيتك بمائة ألف أعطيكها بعد سنة، فقال: قبلت، ولكن أعطني رهناً لقاء هذا المال، فأعطيته سيارة، فهذه السيارة رهن، فلو أنها تلفت في يومٍ من الأيام، فإما أن تتلف بسبب تعدٍ منه وتقصير، كأن يحرِّكها ثم حدث لها حادث فتلفت، فحينئذٍ يده يد ضمان، هذا إذا حرّك الرهن دون إذنٍ من الراهن. هذا بالنسبة للحالة الأولى، وهي التي يقول عنها العلماء: إذا تصرّف في الشيء المرهون دون إذن من صاحبه، فالتصرُّف بدون إذنٍ من صاحبه تصرُّف يوجب الهلاك أو فساد السلعة، أو فساد العين، فإنه في هذه الحالة يجب عليه الضمان، لكن لو أنه وضع الرهن عنده، فجاء شيءٌ وأتلفه بدون اختيارٍ منه، كأن يكون مزرعة فاجتاحها سيل، أو ثمرة فأصابتها جائحة، فهذا الفساد والتلف الذي تلف به الرهن بدون تقصيرٍ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير