تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قصَّرت في حفظ الأمانة، ولكن لو وضعته في مكان يُحفظ في مثله، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يأتي السوس ويتلفه، وهذا المكان ليس فيه السوس، وليس بمكان يوجد فيه السوس، ولكن تلف بإرادة الله عز وجل وقدره، فأنت لا تضمن؛ لأنك لم تقصِّر ولم تتعد.

عدم سقوط شيء من الدين إذا هلك الرهن دون تعد أو تقصير قال رحمه الله: [ولا يسقط بهلاكه شيءٌ من دينه]. وهذه فائدة يد الأمانة: وهي أن الرهن إذا وضع عندك فهو أمانة، فإذا تلف فإنه يتلف على صاحبه، ولا يسقط من الدين شيء، فهذا الرهن إذا وضِع عندك ولم تتعدّ، وتلف بآفة سماوية، كثمرة بستان قيمتها ثلاثون ألفاً، والدين ثلاثون ألفاً، فلو أن هذه الثمرة التي في البستان جاءتها جائحة، وأتلفت هذه الثمرة، فإنك لا تضمن، ولا يسقط من دينك على صاحب البستان شيء، لكن لو أن قيمة الثمرة في البستان ثلاثون ألفاً، وتعاطيت أسباب التعدي، فمنعت العمال من السقي، أو قصَّرت في حفظه، فإن تعدّيت كأن تمنعهم من أن يسقوه، فأصبحت قيمة الثمرة عشرين ألفاً، فأنت تضمن ثلث القيمة، وتكون على دينك، فإذا كان دينك ثلاثين ألفاً فتسقط منه عشرة آلاف؛ لأنك تتحمل مسئولية التعدي حينما منعته من القيام بسقي البستان. هذا بالنسبة للتعدي. أما بالنسبة للتقصير فمثاله: أن يكون من عادة صاحب البستان أن يقفله، فأنت تركته مفتوحاً، فجاء السُرَّاق، وسرقوا من ثمرته بقدر خمسة آلاف ريال، فأنت تضمن هذه الخمسة آلاف؛ لأنك قصرت في الحفظ، ويدك يد أمانة، فينزل من الدين قدر خمسة آلاف. إذاً: إذا كانت يدك يد أمانة، فإنه لا يسقط من الدين شيء، وإن كانت يدك يد ضمان، فإنه يسقط من دينك على قدر ما حصل من التفريط في الرهن، حتى لو استغرق الرهن كله فإنه يسقط كله. فلو كان تقصير المرتهِن في حدود أربعين ألفاً، والدين أربعون ألفاً، فإنه يسقط ويصير رأساً برأس، ويخرج ولا شيء عليه .. هذا بالنسبة لمسألة يد الأمانة ويد الضمان. فلما كان المصنف رحمه الله يميل إلى القول: بأن المرتهِن لا يضمن إلا إذا فرّط أو تعدى، فمعنى ذلك أن يده يد أمانة كما ذكرنا، فإذا تلف كله أو بعضه فإنه على صاحبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (له غنمه وعليه غرمه)، فإن كان التلف بتعدٍ من المرتهِن ضمِن على قدر ما وقع من التلف، وأُسقِط من الدين على قدر ذلك الضمان.

تلف بعض الرهن لا يخرجه عن كونه رهناً قال رحمه الله: [وإن تلف بعضه فباقيه رهنٌ بجميع الدين] ذكرنا أن التلف ينقسم إلى قسمين: تلف يذهب المالية، وتلف لا يذهب المالية، فإن كان التلف يذهب المالية فحينئذٍ فسد الرهن، وفسد العقد؛ لأنه فات المقصود من الاستيثاق. ويقول العلماء: إن كان الرهن قد فسد فساداً كلياً، بحيث لا تبقى له مالية، كما لو قال: أعطني خمسمائة ريال ديناً، فقال له: أعطني رهناً، فقال: هذه الشاة رهن، أو هذا البعير رهن، فمات البعير أو ماتت الشاة، فحينئذٍ يفسد الرهن؛ لأن الرهن إنما شرعه الله عز وجل لكي تتوصل به إلى حقك إن امتنع المديون من سداد الدين، فإذا مات وذهبت المالية فقد فسد عقد الرهن. وفي هذه الحالة يكون لك الخيار. ومسألة البيع: إذا بعته بيتاً بعشرة آلاف ريال، وأعطاك رهناً قيمته عشرة آلاف ريال، وقال لك: سأسدد العشرة آلاف ريال بعد سنتين، وأعطاك الرهن الذي قيمته عشرة آلاف، ففسد الرهن وذهبت ماليته، فإن من حقك أن تطالبه برهن جديد مكان الرهن القديم، ومن حقك أن تقول له: أنا لا أريد أن أبيعك، وترجِع عن بيعك؛ لأن حقك في هذه الحالة سيذهب، والحقوق إنما تضمن بالاستيثاق، ويكون لك الخيار في هذا، ولذلك يقول العلماء: ذهاب المالية موجبٌ للخيار. فإن أقام مقامه رهناً يقوم بقدره وقيمته، فحينئذٍ لا إشكال، وإلا فله الخيار في الرجوع عن البيع. وقوله: (فباقيه رهنٌ بجميع الدين) مثل أن يقول لك: بعني أرضاً، فقلت له: هذه الأرض بمليون، فقال: اشتريتها، ولكن سأعطيك المليون بعد سنة، فقلت له: أعطني رهناً، فقال: أرهنك بستاني، فأعطاك البستان رهناً لهذا المليون، فتلف النخل الموجود في البستان، وكانت قيمة البستان قبل تلف النخيل مليوناً، ثم لما تلفت صارت قيمته نصف مليون، إذاً صار نصف قيمة البستان رهناً، فإن الباقي من المالية يبقى رهناً، ومن حق صاحب الدين أن يعامله معاملة الرهن، فإذا لم يسدد باع ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير