تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنه إذا لم يأذن فعلى القاضي مباشرة أن يُصدر حكماً بالبيع الذي يُسمَّى: البيع الجبري، وحينئذٍ تُباع السلعة؛ لأن هناك اتفاقاً مسبقاً، والحق متعلِّق بها، فتُباع كما تباع سلع المفلس، ومن حق القاضي أن يبيعها، وعلى هذا فكما ذكر المصنف رحمه الله يُباع الرهن ويُسدَّد به ما بقي من الدين، أو يسدد به كل الدين إن لم يكن دفع منه شيئاً. وقوله: (فإن كان الراهن أذن للمرتهن أو العدل في بيعه باعه ووفّى الدين)، أي: إذا قال الراهن: يا محمد! إذا جاء أول محرم ولم أسدِّدك فالعمارة بين يديك بعها وخذ حقّك، وإن بقي عليَّ شيء أكمِّله، وإن لم يبق شيء فالحمد لله حقُّك وصل إليك، وإن زاد شيء فردَّه إليَّ. فهذا إذن مسبق، سواءً أَذِن عند عقد الرهن، أو أَذِن أثناء المدة، أو أذِن عند انتهاء الأجل، فإذا أَذِن فلا إشكال، سواءً أَذِن للمرتَهَن أو أذِنَ للعدل، فالحكم واحد. وقوله: (وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن)، يعني: على القاضي أن يجبر المديون على وفائه، ويقول له: سدِّد، فإن لم يسدد، فحينئذٍ يقوم ببيعه بالبيع الجبري كما ذكرنا. ...... جواز بيع الحاكم للرهن عن امتناع الراهن عند التسديد والبيع قال رحمه الله: [فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفَّى دينه]. أي: باعه الحاكم بيعاً جبرياً، وهذا النوع من البيع هو الذي يقول العلماء: يجوز مع فقد شرط التراضي؛ لأن الله يقول: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، والبيع لا يصح إلا بالرضا، لكن في هذه الحالة رضا المالك وعدمه على حدٍ سواء؛ لأنه متعلِّق به حقٌ للغير، فحينئذٍ يُستوفى هذا الحق؛ لأن هناك شرطاً وعقداً بينهما، ولا بد من إبراء ذمَّته على هذا الوجه.

الأسئلة ...... حكم الانتفاع بالرهن السؤال: إذا انتفع المرتهِن بالرهن، ألا يشكل عليه بأنه قرضٌ جرّ نفعاً أثابكم الله؟ الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإنه ينقسم الحق إلى قسمين: فإما أن يكون الرهن لقاء حق بالقروض، فحينئذٍ يُعتبر قرضاً جر نفعاً، وعلى هذا كره الإمام أحمد رحمه الله رهن الدور، واعتبره من الربا المحض، خاصة إذا اشترط عليه أن ينتفع به فإنه يعتبر قرضاً جر نفعاً. وإما أن ينتفع بالرهن لقاء القيام عليه، كما في الدواب التي تُحلب وتُركب، فهذا وردت السنة باستثنائه، قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: (الرهن يُركب بنفقته، ولبن الدر يُشرب بنفقته إذا كان مرهوناً)، فهذا يدل دلالة واضحة على أنه يجوز، وذلك مثل الناقة تحتاج إلى علَف، فتعلِفها ثم تأخذ بقدر ما علفت، فلو كان العلف قيمته مثلاً ثلاثين، تأخذ من حليبها وتركب عليها بقيمة الثلاثين، ولا تزيد على هذا، وهذا عين العدل؛ لأنه قديماً حينما كانت الدواب تُركَب وتُحلب، من الصعب أنك إذا وضعتها رهناً أن تأتي من مكان بعيد من أجل أن تضع العلف لها وتحلبها، فيسَّر الله عز وجل وجعل الرهن هذا يُحلب ويُركب بالنفقة التي يدفعها المرتَهن عليه، أما ما عدا ذلك فلا يجوز. ومن هنا أجمع العلماء رحمهم الله على أنه لا يجوز للمرتهِن أن ينتفع بالرهن بدون إذن من ارتهنه إلا إذا كان بعِوض، كأن يقول له: هذه الدار أجعلُها رهناً عندك، فقال له: أريد أن أسكنها، فبكم تؤجرني إياها؟ قال: بكذا وكذا، فأجّرها، فإن استأجرها انتقلت وخرجت عن يد الرهن إلى الإجارة، وهذا إن شاء الله سنفصل أحكامه في الفصل الثاني في مسألة منافع الرهن، سواءً كانت بعوض أو كانت بغير عوض، وسواءً كانت المرهون من جنس ما يُحلب ويركب، أو يركب ولا يُحلب، أو يحلب ولا يركب، أو لا يُركب ولا يُحلب كالدور ونحوها، هذا كله -إن شاء الله- سيكون الكلام عليه في المجلس القادم، نسأل الله التيسير. والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير