تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن أهل العلم من قال: من حقه أن يعزله، ولا شيء في ذلك إذا عزله، لكن يكون الخيار لصاحب الدين، فله أن يُطالب بالرهن بديلاً عن العدل، وله أن يفسخ العقد؛ لأنه لو فُتِح هذا الباب لتلاعب الناس بحقوق الرهن، فإنه يرهن عند عدل، ثم يعزله ويسحب الرهن منه، فقالوا -استيثاقاً للحقوق-: يكون الخيار دفعاً لهذا، وهذا قول جمهور العلماء. وقال بعض أصحاب الإمام مالك رحمه الله: إنه ليس من حقه العزل إلا برضا الطرف الثاني، وهذا المذهب -وهو مذهب المالكية رحمهم الله- أحوط، وقالوا: ما دام الطرفان تراضيا، فإنه ليس من حق أحدهما عزله دون الآخر؛ لأن إثباته جاء من الطرفين، فنقض هذا الإثبات لا بد أن يرضيا بعزله، وفي بعض الأحيان يتفقان على عزله، خاصة إذا بدرت منه أمور تدعو إلى الريبة، هذه حالة. الحالة الثانية: أن يموت هذا الطرف الثالث وهو العدل، فلو مات قبل السداد، فما الحكم؟ قالوا: ينفسخ التوكيل ويقيمان من يرضيانه بدلاً عنه، فإذا رضيا شخصاً بدلاً عنه أقاماه مقام هذا العدل. ...... إذن الراهن والمرتهن للعدل بالبيع بنقد البلد قال رحمه الله: [وإن أذنا له في البيع لم يبع إلا بنقد البلد]. هذه هي أحكام العدل، فقوله: (وإن أذنا له بالبيع) أي: إذا أذن الطرفان للعدل ببيع الرهن عند مضي المدة، فليس له أن يبيع إلا بنقد البلد الذي هو فيه، فإذا كان رهنه أرضاً في مكة، فإذا باع يبيع بنقد البلد، ويبيع بالقيمة في نفس المكان، فلو كانت القيمة متفاوتة في بلدٍ آخر لم يكن له أن يتكلَّف ذلك، إنما يبيعها بنقد البلد، ويكون العدل المرضي بين الطرفين وكيلاً عنهما في البيع، فلو كان نقد البلد من الذهب باعها بالذهب، ولو كان نقد البلد من الفضة باعها بالفضة. فلو باع بغير نقد البلد، فإنه ليس من حقه أن يبيع باختياره هكذا، إنما يبيع في حدود معيَّنة؛ لأنه وكيل، والوكيل لا يتصرف إلا في حدود ما أُذِن له، وإذا أُذِن له بالبيع، فإن العرف أن يبيع بنقد البلد الموجود؛ لأن البيع يكون بالنقد ويكون بغير النقد، والنقود والأثمان كالذهب والفضة، ويكون بغيرها الذي هو بيع المقايضة، فلو باع بشيء فيه ضرر فإنه لا يجوز، كأن يبيع العمارة بعمارة أخرى، أو يبيع العمارة بطعام، إنما عليه أن يبيع بالنقد، ويكون النقد نقد البلد؛ لأن نقد غير البلد يتكلَّف في صرفه، ويكون فيه مخاطرة، فربما نقصت القيمة، أو زادت بسبب الصرف. وعلى هذا فلا يبيع إلا بنقد البلد.

حكم تلف ثمن الرهن في يد العدل قال رحمه الله: [وإن قبض الثمن فتلف في يده فمن ضمان الراهن] قوله: (وإن قبض الثمن)، لو أن هذا العدل باع العمارة (بمليون)، وبعد قبض هذا (المليون)، تلِف في يده قبل أن يعطيه صاحب الدين، فما الحكم؟ قالوا: التلف على ضمان الراهن؛ لأنه وكيلٌ عنه، ولا تبرأ ذمة المديون إلا بعد أن يؤدي الوكيل الأمانة إلى ما اؤتمِن له، فهو في هذه الحالة كأنه راهن. وقد أثبتنا أن الرهن في ضمان الراهن؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أثبت هذا فقال: (لا يغلق الرهن ممن رهنه، له غنمه وعليه غرمه)، ففي هذه الحالة إذا استدان مني (مليوناً) فلا تبرأ ذمّته من هذا المليون، حتى يأتي الوكيل العدل ويسلم لي المبلغ، لكن لو قلتُ له أنا: بِعها واقبض عني، فقد صار وكيلاً عن الطرفين، وكيلاً عن الراهن وعن المرتهن؛ لأنه في بعض الأحيان تكون اليدان يداً واحدة، مثل وليّ اليتيم، فلو كان عندك يتيم له بيت، ورأيت من المصلحة أن تبيع هذا البيت، وأنت ترغب في هذا البيت فاشتريته بقيمته لنفسك، فأنت بائعٌ من وجه ومشترٍ من وجه، وهنا يدان: يد بيع، ويد شراء، فيدك ببيعه يد بيع على ملك اليتيم، ويد شراء على ملكِك، فالوكيل يكون وكيلاً عن الأول ووكيلاً عن الثاني، هذا في قول بعض العلماء رحمهم الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير