تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أرهن عندك هذا (البشت) أو هذا الثوب، و (البشت) أو الثوب لا يحتاجان إلى طعام ولا إلى شراب. إذاً: النوع الأول هو ما لا يحتاج إلى مئونة. ولابد من فهم هذا فهماً جيداً؛ لأن التفصيلات التي ستأتي مهمة جداً في مسألة الرهن؛ ففيها مداخل للربا، ومداخل للقرض الذي جر نفعاً، فنحن نقرر الآن القسمين ونضبطهما بالأمثلة. فالقسم الأول كما ذكرنا: أن يكون الرهن لا يحتاج إلى مئونة ولا كلفة، ومن أمثلته في العقارات: الأراضي، والدور، والعمائر ونحوها، فإنها تُقفل وتصك أبوابها ثم تترك، فهذه لا تحتاج إلى طعام ولا إلى شراب، وهذا في العقارات، أما في المنقولات مثل: الأطعمة، والأكسية، والثياب، والأغذية مثل: البر، والشعير، فهذه كلها لا تحتاج إلى طعام ولا تحتاج إلى مئونة.

الرهن الذي يحتاج الى مئونة وكلفة القسم الثاني: ما يحتاج إلى مئونة وكلفة؛ كالإبل، والبقر، والغنم، فهذا فيه ما يُحلب ويُركب، وفيه ما يُركب ولا يحلب، وفيه ما يحلب ولا يركب، وفيه ما لا يركب ولا يحلب، فهو على أربعة أنواع: النوع الأول: أن يكون مركوباً محلوباً، فهو يحتاج إلى مئونة وكلفة، ولكن فيه منفعة الركوب، ومنفعة الحليب، ومن أمثلته: الناقة، فإن الناقة تحتاج إلى أن تطعمها وتعلفها، وهي تُركب، فله أن يركب عليها، وهي تُحلَب، فله أن يأخذ من حليبها ودرّها، هذا بالنسبة للنوع الأول من القسم الثاني. النوع الثاني: أن يكون مما لا يحلب ولا يركب، مثل: الأرقاء قديماً، ومثل: التيس من الغنم والفحل من الشياه والغنم، فإنه لا يحلب، وأيضاً لا يركب، والفحل من البقر ليس فيه حليب ولا يمكن أيضاً ركوبه في الغالب، هذا بالنسبة للنوع الثاني، أن يكون مما لا يحلب ولا يركب. النوع الثالث: أن يكون مما يحلب ولا يركب، مثل الشاة، فإذا كان فيها حليب فله أن يحلبها، لكن لا يمكن أن يركبها، وكذلك البقرة فيها حليب وله أن يحلبها، لكن لا يمكن أن يركبها في الغالب، فهذا مما يُحلب ولا يركب. النوع الرابع: أن يكون مما يركب ولا يحلب، كالفحل من الإبل، فإنه يركب عليه ولكن لا يحلب.

حكم الانتفاع بالرهن الذي لا يحتاج إلى مئونة وكلفة إذاً: هذا هو القسم الثاني: أن يكون من جنس ما يحتاج إلى مئونة وكلفة من طعام وشراب وقيام عليه. وبهذا نكون قد عرفنا أن الرهن فيه ما يحتاج إلى مئونة وكلفة، وفيه ما لا يحتاج إلى مئونة وكلفة، فنبدأ بالذي لا يحتاج إلى مئونة وكلفة، كالبيوت والدور والأرضين إذا وُضِعت رهناً، فإنه لا يجوز أن يأخذ صاحب الدين -الذي هو المرتَهِن- أي منفعة منها إلا بحقها، هذا من حيث الأصل، أو إذنِ صاحبها. ويرد التفصيل في هذا النوع، وهو الذي لا يحتاج إلى مئونة وكلفة: فقالوا: لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن إذا لم يأذن له صاحب الرهن، مثاله: رجل استدان خمسمائة ألف، ورهن في مقابلها عمارة، فلا يجوز لصاحب الدين أن يسكن العمارة، ولا يجوز له أن يؤجرها للغير، ولا أن ينتفع بأي منفعة موجودة في العمارة، هذا من حيث الأصل. وما هو الدليل على أنه يحرم عليه أن يأخذ ذلك؟ نقول: إن الأصل في الرهن أنه ملكٌ لك أنت أيها المديون، والأملاك لا يجوز أن يؤخذ منها -أي: من منافعها- إلا بإذن أصحابها ورضاهم، فإذا كان صاحب الرهن -وهو الذي أعطاك العمارة- لم يأذن لك بتأجيرها، ولم يأذن لك بمنفعتها، فلا يجوز لك أن تأخذ منها، وهذا بإجماع العلماء. أما لو أذن لك أن تتصرف في هذا المال، وأذن لك أن تنتفع به، فلا يخلو سبب الرهن من حالتين: الحالة الأولى: إما أن يأذن بحقه، فيقول: أجِّر العمارة، ولكن الأجرة لي، وليست لك، فأذن لك بتأجيرها على أن تكون الأجرة له، فقلت له: أريد أن أستأجرها أنا، فقال لك: انتفع أنت بالعمارة على أن تدفع الأجرة، فالحكم حينئذٍ أنه انتفع بالرهن بإذن صاحبه، فإن أذِن له بعوض فلا إشكال في الجواز، وحينئذٍ تكون إجارة. لكن السؤال: هل الأصل في العمارة أنها رهن أو عين مؤجرة؟ الأصل أنها رهن، وقد ذكرنا في أول باب الرهن يكون لازماً بالقبض، فإذا قبض صاحب الدين الرهن وحازه عنده فإنه يكون لازماً. وإذا لم يقبض الرهن، وأردت أن لا تعطيه الرهن، فإن هذا من حقك؛ لأن الرهن لا يصير لازماً إلا إذا قُبِض، فمثلاً لو قلتُ لك: أعطيك سيارتي، ولم تقبِضها، فمن حقي أن أرجع عن رهن سيارتي؛ لأن الرهن لا يصير لازماً عليّ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير