تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قالوا: إذا لم يسدد تُلزم بالسداد سواء كنت تعرفه أو لا تعرفه. ...... جواز الضمان مع عدم معرفة المضمون عنه للضامن قال: [ولا له] أي: ولا يعتبر أيضاً معرفة المضمون لك، فهذا الشخص الذي تضمنه لا يشترط أن يكون يعرفك، فلا يشترط أن تعرفه، ولا يشترط أن يعرفك، فبينكما أخوة الإسلام، خاصة إذا قصدت من هذه الكفالة التيسير على المعسر، وتفريج عن كربة المكروب، فإن الله يأجرك، وهذا من أعظم ما يكون من الأجور في الكفالة، بشرط أن لا يدخل الإنسان على نفسه الخطر والضرر والغرر، أما إذا كان على سبيل الرفق بالناس والإحسان إلى الناس، فإن الله سبحانه وتعالى يلطف بصاحبه، ويكون من أعظم ما يكون في الكفالة؛ لأنك تكفل إنساناً دون قصد المحاباة، ولا يدخل عليك على سبيل الإحراج، فأنت لا تعرفه وهو لا يعرفك، ولكن تعلم أن هذا العمل الذي تفعله إنما هو من صالح الأعمال وأجلِّ القربات لذي العزة والجلال، فتقدم عليه رغبة فيما عند الله من الثواب، ورهبة مما عند الله من العقاب؛ لأنك تخشى أن الله يسألك عن هذا المكروب، لماذا لم تفرِّج كربته؟! وفي الحديث الصحيح أن الله تعالى يقول: (يا ابن آدم! استطعمتك فلم تطعمني، فيقول: يا رب! كيف أُطعمك وأنت رب العالمين، فيقول الله تعالى: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه -يعني وأنت قادر على إطعامه- أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي). فإذا وجد الإنسان إنساناً لا يعرفه، وهو يرى عليه أثر الضعف، وأثر الفاقة والفقر، وأقدم على ذلك فإنه يؤجر. وهكذا لو جاء إلى صاحب بقالة، وقال له: أي شخص تراه محتاجاً أو ضعيفاً أو كبيراً في السن، أو من هذا الحي من جيراني لا داعي أن تذكر لي اسمه، أريد الأجر والثواب، إذا علمت أنه يستدين منك وفيه فاقة وحاجة، فديِّنه واجعل سداده علي، فأنا كفيلٌ له. فأنت تكفل المجهول؛ لأنك قلت له: أي شخص، فهذه كفالة بالمجهول، فحينئذٍ لا يعرفك المدين؛ لأنك قلت له لا تخبر أحداً. فتسدد عنه لله وفي الله، إذاً: كَفِلتَه وهو مجهول لا تعرفه ولا يعرفك، فلا يشترط معرفته لك، ولا معرفتك له، فيجوز لك أن تكفل من يجهلك ومن تجهله. ...... عدم صحة الضمان بدون رضا الضامن قال رحمه الله: [بل رضا الضامن] أي: يشترط رضا الضامن، وعلى هذا لا تصح الكفالة بالإكراه، فلو أن شخصاً أُكره على كفالة شخص وثبت عند القاضي أنه مكره لا تصح الكفالة، بل يشترط الرضا؛ لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، فحرّم الله عز وجل أكل المال بالباطل، واشترط الرضا في حل مال المسلم، فأنت إذا كفلت يُشترط أن تكون راضياً بهذه الكفالة، وعلى هذا فإنك إذا كفلت بالرضا أُلزِمت بما تحمّلته والتزمته للناس. ...... صحة ضمان المجهول إذا آل إلى العلم قال رحمه الله: [ويصح ضمان المجهول إذا آل إلى العلم] المجهول: ضد المعلوم، وضمان المجهول أن تقول: هذا الدين الذي يأخذه فلان منك أنا أتحمله، أو تقول: دَيِّن فلاناً، أو أعطِ فلاناً، أو بِع من فلان، وأنا متحمِّلٌ به، فهو مجهولٌ يئول إلى العلم، وقالوا: إن الدليل على ذلك قوله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72]، فإن حمل البعير مجهول؛ لأن حمل البعير كما هو معلوم مجهول النوع ومجهول الصفة، ولكنه يئول إلى العلم؛ لأنه يتقدر بالعرف، ومن هنا قالوا: يجوز أن يضمن المجهول الذي يئول إلى العلم. ...... جواز ضمان العارية قال: [والعواري] والعواري: جمع عارية، فالضمان كما يقع في الدين، يقع في العواري، كما لو جاء شخص يريد أن يستعير سيارة، أو يريد أن يستعير أمتعة، كما يقع في بعض الأحيان، يكون عند الشخص مثلاً أمتعة تصلح لقضاء الأغراض والحوائج، مثل: الأواني للطبخ، أو المفارش للجلوس عليها، فجاء شخص عنده زواج أو عنده مناسبة، وهذا الشخص لا يعرفك ولا تعرفه، لكنه يعرف أن عندك هذه الأشياء، فقال لك: يا فلان! أعطني هذه المفارش، أو أعطني هذه الأواني، فتقول له: لا أعرفك، ولكن ائتني بشخص يتكفّل بضمان حقي، أو برد هذه العارية إذا أعطيتها لك، فحينئذٍ إذا جاء بشخص يعرفه، فقد ضمن العارية. والعارية: هي بذل المنفعة بدون عوض، وتقع أيضاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير