تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دفعه العميل ضماناً لحق البنك عند عجزه عن السداد، ويتخرج هذا على مسألتين: المسألة الأولى: جواز أخذ الذهب والفضة رهناً. والمسألة الثانية: جواز أخذ الرهن عن الكفالة. لكن يبقى الإشكال إذا قلنا: إنها كفالة، وقلنا: إنها آخذة حكم الضمان، وفعلاً يسري عليها حكم القرض، ففي هذه الحال عندنا قرض، وعندنا ضمان للقرض، وعندنا رهن يتوصل به إلى هذا الضمان، لكن يبقى الإشكال في أخذ الفائدة على الكفالة، هل يجوز أخذ الفائدة على الكفالة؟ هناك فوائد التزم بها العميل لابد من النظر فيها. الفائدة الأولى: دفع الرسم للاشتراك. الفائدة الثانية: دفع الرسم للسند. الفائدة الثالثة: التجديدات. وهناك فوائد مركبة على الدين عند العجز عن السداد. والواقع بالنسبة لهذه الفوائد: الرسم الذي للدخول، وفائدة التجديد السنوي، وفائدة الرسوم السندية، كل هذا يعتبر من أخذ الفائدة على الدين، ومخرّج على ما ذكرناه من أنه قرض جر منفعة، وقد ذكرنا إجماع العلماء على تحريم القرض الذي جر منفعة، (وأيما قرض جر منفعة فهو رباً) إما رباً صريحاً أو في حكم الربا الصريح فهذه الرسوم في الحقيقة هي عبارة عن فوائد معجلة باسم الرسم أو نحوه، وبدل أن تكون مؤخرة صارت مقدمة أو معجلة، ولأن هذه الرسوم ليس فيها استحقاق شرعي؛ فالعميل لا يأخذ لقاءها شيئاً له قيمة معتبرة شرعاً، وإذا قال قائل: يأخذ لقاءها الدين، نقول: هذا الدين ليس له قيمة؛ لأن الديون لا يجوز أخذ الفوائد عليها، فقد يكون المصدِر أو البنك أو نحوه يرى أن من حقه أن يأخذ على الدين فائدة؛ لأنه يرى أن الفوائد الربوية تعتبر استحقاقاً له على العميل إذا تعامل معه. بعد أن ذكرنا التخريجات كلها، وذكرنا أولاً كونه ضماناً محملاً أو كون هذا الضمان مبني على رهن، ترد هنا مسألة مهمة وهي: أننا صححنا أصول المسائل، فقلنا: إن الضمان مشروع، وقلنا: إن الرهن مشروع، وقلنا: يجوز الرهن بالمال الذي هو الذهب والفضة، قررنا جواز الرهن المتقدم أو الضمان المتقدم، كل هذا قررنا جوازه، لكن لا يعني هذا صحة التخريج، وتوضيح ذلك: أن المبلغ الذي هو غطاء للسداد في الحقيقة المصرف لا يقوم بسحب استحقاقه مباشرة منه، هذا أمر مهم جداً؛ لأن المصرف من فائدته ألا يسدد المبلغ مباشرة؛ لترتب الفوائد على التأخير، والعميل يعتبر بتأخره ملزماً بدفع الفائدة المقررة والعائد المقرر الربوي على الدين بعد فوات الأجل المحدد للسداد، فإذاً مسألة كونه رهناً ليست من كل وجه صحيح؛ لأننا لا نجد المصرف يقول: بمجرد أن تمر خمسة وعشرون يوماً أو خمسة وخمسون يوماً ولم تسدد سنسحب من رصيدك المبلغ وانتهى الإشكال، لا، بل إن لم تسدد بعد الفترة المسموح بها سنحسب عليك فائدة (1%)، ومعنى ذلك أنه لا يعتبر رهناً بصورة الرهن الشرعي، فهو في الظاهر تراه رهناً، لكنه في الحقيقة والتعامل ليس برهن. المسألة الأخيرة وهي المهمة: أن هذا الدين تركّب بعقد فيه التزام أنه إذا لم يسدد فعليه الفائدة، وهذا الالتزام محرم -بغض النظر عن كونه بادر بالتسديد، أو ترتب عليه فائدة أو لم تترتب ولا يجوز للمسلم أن يلتزم ذلك الأمر المحرم؛ لأنه يكون راضياً بالمحرم، وهذا من الربا الذي نص صريح الكتاب والسنة على تحريمه، وبناءً على ذلك لا يجوز الالتزام. وهنا بعض الناس يقول: آخذ العشرة آلاف -والعياذ بالله- ديناً وأسدد في الأمد المحدد. نقول: رضاك بالعقد يعتبر في حكم الفعل للعقد؛ لأن العقد فيه شرط والتزام بمحرم، وبناءً على ذلك يدخل في كتابة الربا المحرم الذي لعن فاعله -نسأل الله العافية-. وعلى هذا خلاصة ما نقول: أولاً: إن بطاقة الائتمان تخريجها الفقهي دين. ثانياً: الضمان فيها ليس بصحيح من كل وجه من جهة الالتزام، ووجه بطلان هذا الضمان أن نقول: إن المصرف التزم بدين كامل بدفع دين ناقص؛ لأنه يدفع إلى المستفيد أقل مما يأخذ من الحامل، وهذا أمر يبطل التخريج بكونه حوالة أو ضماناً؛ لأنه لم يتوفر فيه الشرط الشرعي. ثالثاً: أنه لو كان ضماناً وديناً على الصفة المعتبرة، فوجود شرط الفائدة المركبة أو الرسم المقدم على الدين يدخله في قرض جر نفعاً، وهو محرم بالإجماع. وبهذا يكون الحكم فيه عدم الجواز على التفصيل الذي تقدم بيانه، والله تعالى أعلم وأحكم، وهو المستعان وعليه التكلان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير