تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158] أي: بينهما، بخلاف الطواف بالبيت فإنه صلاة، وجاء الأصل الشرعي أنه يجوز أن يصلي على أبي قبيس، وقعيقعان مع أن المصلي عليهما يسامت الهواء ولا يسامت الكعبة. فدل على مشروعية الطواف مع مسامتة الهواء دون مسامتة الجذر، لكن بالنسبة للسعي فلا يشرع بمسامتة الهواء عند من يرى أن الأرض مستحقة للسعي بدليل الهرولة في هذا الموضع المخصوص -وإن كان يعترض عليه بالهرولة في الرمل- هذا القول مردود؛ لأن الهرولة ليست للموضع وإنما هي للسنة المتبعة بالرؤية. فالشاهد أن المسألة عند من يقول: بأنه يجوز السعي -هو قول له وجهه ودليله- لأنه ينظر إلى أن الأسفل كالأعلى وأن الأعلى كالأسفل، فمن ملك أرضاً ملك هواها، وملك علوها وسفلها، ويتفرع عليها بطلان بيع الشقق؛ لأن الشقة إذا كانت في الأرض وبيعت فسطحها ملك لمن ملك الشقة، وإن استحدث شقة ثانية فقد استحدثها على ملك الغير، وصار على هذا من ملك الأسفل من الشقة ملك أعلاها وإن علا، فلو أنه قيل له إنما يملك الشقة السفلى ولا يملك العليا ناقض الأصل. ولذلك ما يعمل به اليوم من قيام البعض بشراء أرض ثم يبني عليها عمارة، ويقسم العمارة على أربعة، وكل يأخذ دوراً، فأصبحت العمارة منقسمة على أربعة ويصبح السطح للمالك الحقيقي، ثم يبني المالك الحقيقي شقة أخرى ويبيعها ويقول: أنا ما بعت له إلا الشقة، فأصبح الملك في هذه الحالة متردداً، ويصبح الملك قابلاً للزيادة، وقابلاً للغرر، وهذا يخالف مسألة أن من ملك أرضاً ملك سماءها. فلو نازع وقال: الشقة العليا لا تملك بالسفلى نوزع بالأصول التي ذكرناها، وقلنا: كيف تصحح الاعتكاف لمن يعتكف بسطح المسجد مع أنه ليس في قراره؟ ومعنى ذلك أنك أعطيت الأعلى حكم الأسفل، وتقول له أيضاً: كيف تصحح الطواف بالدور الثاني، فمعناه أنك تقول: إن من ملك الأرض ملك سماها، وأن علوي الأرض كأسفلها وإلا انتقض قولك في البيع، إذا قلت: بجواز بيع الشقة. فالشاهد في مسألة سقوط الغصن في ملك الغير، أن الغصن يكون قد جاء على ملك الغير فالهواء ملك لصاحب الأرض، فإن قال صاحب الأرض: الهواء ملك لي، فارفع هذا الغصن عني، فقال: لن أزيله. حينئذٍ من حقه أن يلوي هذا الغصن، سواء لحقه منه ضرر أو لم يلحقه، فمن حقه أن يقول: لا أريد هذا الغصن أن يطل على أرضي، فهذه أرضه، ومن حقه أن يأذن لمن يشاء ويمنع من يشاء، فإن أصر حل له أن يقطع هذا الزائد من الغصن؛ لأنه اعتداء عليه واعتداء على ملكه، لكن بعد أن يستوفي ما ذكرناه. قال رحمه الله: [فإن أبى لواه إن أمكن] أي: يحرفه ويصرفه عن أرضه. [وإلا فله قطعه]: أي: من حقه أن يقطعه ولا يطالبه صاحبه بالضمان. ...... حكم الاستطراق في الدرب النافذ قال رحمه الله تعالى: [ويجوز في الدرب النافذ فتح الأبواب للاستطراق]: الحقيقة أن من يقرأ كتب العلماء والأئمة خاصة في الفقه يحس أنهم تركوا ثروة عظيمة لنا فرحمة الله عليهم، وفي بعض الأحيان تنظر إلى الفقهاء فإذا بهم أئمة في كل شيء. إذا جئت إلى باب الطيب مثلاً في محذورات الإحرام تقرأ فروع الطيب، وما هو الطيب المؤثر في الإحرام؟ ما كان أصله طيباً، وما كان الطيب فيه تبع، وما يؤثر في الطعام، وما يؤثر في البدن، وغير ذلك من الفروع حتى تكاد تقول: إن الفقهاء عطارون. وإذا أخذت مسائل النفاس وأحكام النفاس والولادة، فإذا أسقط المولود قبل تمام خلقته أو بعد تمام خلقته، تكاد تقول إنهم أطباء، ثم تأتي وتدخل في مسائل ازدحام الحقوق فتظنهم مهندسين، وهذا من التقعيد والتأصيل وضبط المسائل، فرحمة الله عليهم، ولكن هذه الثروة تحتاج من يعتني بها ويتأملها، ويتمعن فيها ويقررها على أصول الشريعة؛ لأنهم أئمة ما كانوا يأتون بشيء من عندهم، وإنما كانوا يستنيرون بنور الشرع، وهدي الكتاب والسنة في إعطاء الأحكام، فجزاهم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء. ومسألة الغصن ليست منحصرة في الغصن بل هي أصل لغيره، فكل جار أطل على جاره بشيء فيه ضرر وأذية فمن حقه أن يمنعه، وحتى لو لم يكن فيه ضرر عليه، فمن حقه أن يقول: ارفع هذا عني. وتقول: هو كغصن الشجرة، وهذا ما يسمونه بالتخريج، والتخريج أن تقرر المسألة القديمة بكلام العلماء بدليلها ثم تأتي للمسألة المعاصرة وتقول: هذه المسألة كمسألة الغصن، فتعطي المسألة المعاصرة حكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير