تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

..... الأسئلة ...... الحكمة في نسبة المال للأولياء في قوله تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) السؤال: كيف يكون الخطاب في الآية للولي على أن المال ماله وهو مال المحجور عليه في قوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5]؟ الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: أولاً: قضية لماذا تأتي الآية على صورة كذا؟ أو يأتي لفظ القرآن بكذا ولم يأتِ بكذا؟ كان بعض مشايخنا -رحمة الله عليهم- يشددون في هذا، الله تعالى يقول: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] ولا يَشك المؤمن ولا يمتري، ولا يمكن أن يخالجه أي شك بأن كتاب الله أحكمت آياته، ثم فصلت من لدن حكيم عليم سبحانه وتعالى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1]. الله سبحانه وتعالى أحكم الأمور ووضعها في نصابها، فقوله: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5] يقول العلماء وبعض أئمة التفسير: إن إسناد المال إلى المخاطبين وإن كانوا في الحقيقة ليسوا بمالكين له؛ لأن أموال المسلمين إذا تركت بأيدي السفهاء أضرت الجميع. فالمال وإن كان في ظاهره ملكاً لليتيم وللسفيه لكنه بسوء تصرفه وصرفه للمال في المواضع التي لا ينبغي صرفه فيها؛ سيضر بالجماعة، وهذا سيؤثر على المجتمع، فكأن أموال المجتمع تذهب. ولتوضيح المسألة وحتى يتضح مقصود بعض المفسرين يقول بعض العلماء: إذا انتشر في أي مجتمع السفهاء؛ فإنهم يؤثرون على العقلاء، وهذا واضح جلي، فالآن -مثلاً- إذا جئت إلى بيئة يكثر فيها النساء، لو جاءت المرأة وسفهت في تصرفها في المال، فأصبحت تشتري بخمسين ألفاً أو بعشرين ألفاً أو بثلاثين ألفاً، وغارت منها جارتها فاشترت كما تشتري، ثم الجارة الثانية ثم الثالثة حتى يصبح وضعاً في المجتمع سائداً، بحيث إن العاقل لو جاء يمتنع من هذا الذي لا يشك أنه سفه لا يقدر أن يمتنع؛ لأنه يقول: نعم، أنا أعرف أنه خطأ، لكن ما الذي يصبرني على هذا السيل الجارف من الزوجة والأم والبنت والأخت. فمثلاً: لو أنه في كل عيد يشتري فراشاً بعشرين أو ثلاثين ألفاً، لو أنه جاء في عيد من الأعياد ولم يغير فراش بيته، وهو في كل عيد يغير ويجدد بهذا المبلغ الباهظ، ونحن لا نمنع أن يجدد لكن المشكلة في الغلو والإسراف، فإذا جاء يقول: لا أريد التجويد، تأتي الزوجة تلومه، وتأتي الأخت، وتأتي القريبة، وتأتي الجارة ثم تأتي قرابة المرأة، وهذا كذا، وهذا لا يحترمك، وهذا لا يقدرك، وهذا وهذا ... فإذا بك تجد أنك ستقع في شيء من الإحراج أعظم مما لو أنفقت هذا المال، فستضطر مجاراة لهم ودفعاً لذلك إلى عمل أنت تراه سفهاً. والذي أحدث هذا كثرة السفه، فالسفه يضيع أموالنا نحن وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا [النساء:5] قالوا: جعل الله المال قياماً؛ لأنه تقوم به مصالح الناس، فكثرة السفه تعني التبذير للمال في غير موضعه. وإذا كان الشخص عاقلاً حكيماً يشتري الأشياء بقيمتها، فإنه لا يضر غيره ولا تذهب أموال الناس، فالمال وإن كان لليتيم لكنه سيئول بتصرفه، وإن كان للناس فسيئول بتصرفهم إلينا ويؤثر فينا. كذلك الابن لو أراد أن يشتري سيارة فقد تكفيه سيارة بعشرة آلاف، لكن لو رأى ابن الجار اشترى سيارة بثمانين ألفاً، فسيطالب بسيارة بثمانين ألفاً، ثم ابن الجار الثاني والثالث والرابع، وإذا بابنك الذي لم يبلغ بعد يقف أمامك ويقول: أريد سيارة. تقول له: تريد تقضي بها مصالحك وتقوم على شأنك؟ يقول: نعم. تقول: إذن هذه سيارة بعشرة آلاف، سيارة مستعملة تقضي بها مصالحك. فيقول: لا ما أريد، ويحس أنه إذا لم تشتر له بثمانين ألفاً أن الأبوة قد زالت وأن معاني الحنان ذهبت وأن وأن. فتأتي تفكر أنك لو جئت تعامله بالعقل وبما ينبغي أن يعامل به فاتك الابن، ولربما انقطعت الأواصر بينك وبينه، وربما حقد وربما وربما، فتضطر وأنت كاره إلى مجاراة الوضع وهكذا. فهذا وجه عند بعض المفسرين في تفسير الآية. وهناك وجه ثانٍ: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5] أسند الأموال إليهم لما أصبح مالكها سفيهاً فأخلى يده منها، والمال مال الله،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير