تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لله ما شذذنا -ولا نزكي أنفسنا على الله- وقد التزمنا ألا نقول بقول شاذ، ولا نعرف على أنفسنا -ولله الحمد- أننا قلنا قولاً إلا ولنا سلف ولنا حجة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وبإجماع العلماء أنه من اعتقد رأياً عليه دليل فليس لأحد أن ينازعه ذلك إلا إذا كان طالب العلم عنده نظر وعنده اجتهاد، بحيث يستطيع أن يميز بين قول فلان وفلان بالحجة والدليل. أما أن يأتي شخص ويأخذ مذكرة الدرس الفلاني ويعلق عليها، فإن كان ضعف حديثاً صححه، أقول: افرض أن هذا التصحيح لا أقتنع به، فما دام الذي شرح الدرس له إلمام بعلم الحديث وعلم الرواية، وله إلمام بالأدلة وله منهج وهو أهل لذلك، وعنده من أهل العلم من رضي له أن يعلِّم، فليس من حق طويلب علم أن يأتي يتعقب؛ لأنه ربما ظن أن هذا الحديث صحيح في اعتقاده وهو ضعيف. ولذلك لا أسمح بهذا ولا أرضى، وهو خصمي بين يدي الله إذا كان يأتي إلى مذكرة ويعلق فيها برأيه وما يراه. وإذا كان يريد التعقب يفتح درساً يقرأ فيها ما أقرأناه، ويذكر الحجة والدليل، يسعه ما وسع السلف، وما وجدنا في كتب السلف أحداً جاء وأخذ كتاب شخص لأجل أن يعقب عليه فيصحح ضعيفه ويضعف صحيحه، ويأتي بأقوال لمشايخ آخرين في الهوامش تخالف قول المصنف. فمثل هذا يحدث البلبلة والتشويش لطلاب العلم، نحن نريد طلب العلم بالطريقة الحكيمة التي سار عليها سلف الأمة، ولا نعتقد أننا معصومون، ونبرأ إلى الله أن نعتقد بأنفسنا عصمة، لكن والله ما نرضى أن أحداً يرد قولنا الذي اعتمدنا عليه بالدليل من الكتاب والسنة بمحض رأيه، أو يأتي يعتقد صواب شيء نعتقد خطأه ويلزمنا خطأه؛ لأنه أجمع العلماء على أنه ليس من حق مجتهد أن يلزم مجتهداً آخر باجتهاده. ولذلك أجمع العلماء: على أن الرجلين إذا كانا في سفر، وقال أحدهما: القبلة هكذا، وقال الآخر: القبلة هكذا، أنه لا يصلي أحدهما وراء الآخر إلا إذا اعتقد صحة قوله. فلا يجوز أن يأتي طالب علم نال شيئاً من العلم وحفظ كلمة أو كلمتين -نسأل الله السلامة والعافية- ويأخذ مذكرات ويعقب فيها من وراء حجاب، دون أن يأتي ويقارع بالحجة، ويسأل ويستبين، هذا لا نعرفه من طرق العلم ولا نعرفه من منهج العلم. وهذا شيء من التعالم، وتكون مذكرة مجهولة لا يعرف من الذي كتبها أصلاً، وبعض العلماء يمنع من قراءة كتاب شخص لا يُعرف لأنه لا تعرف قيمته ولا يعرف هل شهد له أنه أهل، لذلك هذا يشوش فكر طالب العلم. وليس هذا خاصاً بدروسنا بل مع أي أحد، فأي شيخ له درسه وله علمه وله وزنه وله قدره ينبغي ألا يغير في كلامه ويزاد أو ينقص عليه شيء، وأن ينزل الناس منازلهم، وأن نتقي الله في هذا العلم. فإذا كان الشخص يرى رجحان قوله بدليل، فليعلم أن الذي خالفه عنده دليل، وأنه إذا كان يرى لنفسه أن يلزم الغير بدليله، فللغير أن يلزمه بدليله، فكما أنك تعتقد هذا القول بالدليل فغيرك كذلك، وقد قرر الإمام الحافظ ابن عبد البر وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم والأئمة -رحمة الله عليهم- ودرج عليه حال السلف: أن كل من كانت عنده أهلية وعُرِف عنه أنه يلتزم دليل الكتاب والسنة في رأيه في الفقه ومسائل الفروع فهو لقوله، حتى يستبين له الحق خلاف قوله. فالأصل أنه لا يقول قولاً إلا بدليل وحجة، فإن خالفه أحد فلا يخالفه إلا بالحجة، فيأتي ويقارع ويأخذ معه ويعطي، فإما رجع عن قوله، وإما بقي على قوله. ما عهدنا من السلف أن إماماً جاء من أجل أن يهدم فقه الذي قبله أبداً، إنما وجدنا أن كلاً يعتقد قوله بدليله وحجته، وهذه مسألة قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ كان له أجر واحد) فالحمد لله على هذا الفضل. فليس من الحق ولا من العدل أن تأتي وتقول بقول وتعتقد ضَعف حديث خالفه، فيأتي إنسان ويشوش على طالب علم عندك ويقول: لا. بل هناك حديث صحيح وهو كذا وكذا، وهو صحيح عندك وليس بصحيح عندي وأنت ملزم به ولست ملزماً به، فهذا أصل عام. وأنا لا أسمح بالمناسبة بأي مذكرة أن تخرج إلا بالطريقة المعتبرة وبطريقة رسمية معتبرة، أما بهذه الفوضى وأن كل طالب علم يأتي ويعقب، ويكتب مجاهيل لا نعرف من هم وعمن أخذوا ومَن هم رجالهم وما هي أفكارهم، فهذا لا يُسمح به ولا أرضى به. والله ما تعلمنا العلم ليهان العلم،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير