تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجوب اختبار الصبي قبل دفع المال إليه قال رحمه الله: [ولا يدفع إليه حتى يختبر قبل بلوغه بما يليق به] ولا يدفع المال إلى الصبي إذا كان محجوراً عليه حتى يختبر ويمتحن كما ذكرنا؛ لأن الله أمر بذلك فقال سبحانه: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6] فأمرنا الله سبحانه وتعالى أن نختبر اليتامى وذلك عند بلوغهم، فإذا حصل أو ثبت رشدهم فإنه يحكم بإعطاء الأموال إليهم. وإنما حكم العلماء بلزوم الاختبار؛ لأننا لا نحكم برشده إلا بعد ثبوت ذلك الرشد بالاختبار.

الأحق بالولاية على السفيه والصبي أثناء الحجر عليهم قال رحمه الله: [ووليهم حال الحجر الأب ثم وصيه ثم الحاكم] إذا كان الصبي محجوراً عليه فإن الذي يتولى أموره وحفظ ماله هو والده، وهو أحق الناس بذلك. وهذا إنما يتأتى إذا كان للصغير مال، كأن تموت أمه وتترك له إرثاً، كصبي -مثلاً- ماتت أمه وتركت له مائة ألف، فالواجب على أبيه أن يأخذ هذا المال وأن يحفظه، حتى إذا بلغ الصبي دفع إليه ماله. هذا بالنسبة للأشخاص الذي لهم حق الولاية، وبعبارة أخرى: من هو الولي الذي ينصب على اليتيم؟ فذكر رحمه الله أن أولى الناس بالولاية الأب، ثم وصي الأب إذا كتب الإنسان وصيته وخاف على أولاده، كأن يكون عنده ذرية ضعيفة -أطفال- ويخشى عليهم أنه لو مات عنهم أنهم يضيعون، فيجب عليه شرعاً أن يعهد ويوصي من يثق بدينه وأمانته أن يحفظهم. فلا يجوز للمسلم إذا كان عنده أطفال أن يأمن الموت؛ لأن الموت يأتي الإنسان دون أن يشعره ويعلمه، وكم من ضاحك قد نسجت أكفانه. فالواجب على المسلم إذا كان عنده أطفال وذرية أن يكتب وصيته، وأن يكتب في وصيته أن أولاده وأبناءه وبناته يليهم فلان، سواءً كان من القرابة أو من غير القرابة، إلا أن الوصية من القرابة أولى وأحق. فإن كان هناك من أبناء العم أو العشيرة أو القبيلة من يُعرف فيه الدين والأمانة والحفظ والرعاية فإنه ينصبه على أولاده ليقوم عليهم ويرعى شئونهم ونحو ذلك. فهذا الوصي الذي يوصي إليه الأب هو أحق بالولاية على أولاده إذا توفي، فيقوم هذا الوصي مقام الأب، وإنما قُدِّم الأب؛ لأن أكمل الناس شفقة على الإنسان هم الوالدان، ولا شك أن شفقة الأم أعظم من شفقة الأب، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما ضرب المثل لعظيم رحمة الله عز وجل، وأراد أن يبيّن للعباد عظيم حلمه جل جلاله ورحمته بعباده، ضرب لهم ذلك بالأم حينما لقيت ولدها وقد خافت أن يكون قتيلاً في الحرب، فلما لقته أخذته وضمته إلى صدرها، فقال صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قالوا: لا. قال: لله أرحم بعباده من هذه بولدها). فالوالدان أسكن الله في قلوبهما الرحمة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم حينما دمعت عيناه على ابنه إبراهيم وبكى عليه الصلاة والسلام وعجب الصحابة وقالوا: ما هذا يا رسول الله؟ قال: (رحمة أسكنها الله في قلوب عباده). فالوالد في قلبه رحمة لولده، والأم لا تستطيع أن تتولى أمور البيع والشراء والأخذ والعطاء على الأيتام، ولذلك الأب مقدم، وفي الأب من النصيحة لأولاده ما لا يخفى، فهو المقدم على غيره في ولاية أمور الصغار. وكذلك أيضاً يليه الوصي؛ لأن شفقة الأب وحنانه تجعله لا يوصي بأبنائه بعد موته إلا لشخص يرى أنه يحل محله، وأنه يكون مثله أو أفضل منه. فالواجب على الأب أن يفعل ذلك إذا علم أن هناك أيتاماً، وخاصة إذا وجد من القرابة -نسأل الله العافية والسلامة- من يعرف بالظلم واغتصاب الأموال وأذية الأيتام، ولا يبالي بالحقوق، فخاف عليهم من قرابتهم، فإنه يجب عليه أن ينصب الأصلح الذي يخاف الله عز وجل ويتقيه فيهم، كما قال تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [النساء:9] فأمرنا الله إذا كان عندنا ذرية ضعيفة أن نتقيه فيهم، والذرية الضعيفة هم الأطفال، ومعنى ذلك أن كل إنسان عنده أطفال ينبغي أن ينظر هذا النظر، وألا يأمن الموت، وأن يكتب وصية لمن يقوم على أولاده في حالة موته. هذا الوصي الذي توصي إليه أول شيء ما تنظر إليه فيه: دينه، فالدين هو عماد الخير كله،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير