تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعقيدته اشترى لموكله، وقد يصرح بذلك في عقده، فحينئذٍ من حيث الأصل لما وكله موكله أن يشتري أرضاً بمائة ألف أو بنصف مليون أذن له أن يشتري فاشتراها معيبة، فمعنى ذلك أن العقد تام، نقول للموكل: انظر في هذه الأرض وانظر في هذه السيارة وهذا الكتاب، فإن أعجبك ورضيته مع وجود العيب كان البيع صحيحاً على ذمتك؛ لأنه يكون من باب بيع الفضول، وقد ذكرنا أن أصح أقوال العلماء رحمهم الله في بيع الفضول: أنه يصح إذا أذن المالك الحقيقي، وذكرنا دليل ذلك من حديث عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه وأرضاه. الخلاصة: إذا وكل الموكل وكيله أن يشتري السلعة واشتراها دون أن يوجد بها عيب فالبيع صحيح والوكالة تامة ولا إشكال. وإذا وكله فاشترى شيئاً معيباً فإما أن يكون الوكيل عالماً بالعيب أو غير عالم، فإن كان غير عالم بالعيب استحق أن يرد السلعة واستحق أن يأخذ أرش العيب وحينئذٍ لا إشكال، وإن كان عالماً بالعيب فحينئذٍ نقول للموكل: هل ترضى هذا الشيء؟ فإن قال: لا أرضى، نصحح البيع على ذمة الوكيل ونوجب رد المال إلى الموكل أو شراء أرض أخرى أو سيارةٍ أخرى، وتصحيح الوكالة يكون على الوجه المعتبر شرعاً.

الحكم إذا اشترى الوكيل شيئاً معيباً يعلم بعيبه قال رحمه الله: [وإن اشترى ما يعلم عيبه لزمه إن لم يرض موكله فإن جهل ردّه]. إذاً: عندنا الصورة الأخيرة هي التي ذكرها المصنف: (من اشترى ما يعلم عيبه)، لكن ينبغي أن نعلم أن الحكم لا يختص بالشراء، ولا يختص بالبيع؛ فإنه يشمل الإجارات ويشمل بقية المعاملات التي ذكرنا فيها الوكالة، فمن وكّل وكيلاً لكي يقوم بمهمة أو عقدٍ فينبغي على الوكيل أن يلتزم بالعرف، وهذا مراد المصنف من هذا المثال أن يقول لك: إن العقود إذا أطلقت فإنها تنصرف إلى الصحيح، ولا تنصرف إلى الفاسد، وتنصرف إلى السليم ولا تنصرف إلى المعيب، مثال ذلك: لو قلت لوكيلٍ: استأجر لي شقةً بمكة، وتكون هذه الشقة بجوار الحرم أو على شارع كذا، وحددت له الوكالة، استأجر لي شقة بمكة، استأجرها لي مدة العشر الأواخر، استأجرها لي شهراً، استأجرها لي سنةً، فذهب واستأجر لك شقةً، ولكن في سقفها عيب يخر منه الماء، أو أن الماء الموجود فيها ملوث، فهذه عيوب كلها تؤثر في الإجارة، وتعيق المنفعة التي من أجلها استأجرت، أو استأجر لك في موضعٍ لا يمكن أن ترتاح فيه، كجوار شيء مزعجٍ أو نحو ذلك مما لا تستطيع أن تنام فيه، وأنت أخذت هذه الشقة للراحة أو نحو ذلك، المهم وجد العيب، فنقول: إذا استأجرها عالماً بالعيب لزمه أن يدفع المال لك ويبقى وجهه لمن أجره، ولا تلزم بالوكالة بدفع الأجرة، وإن استأجر وهو لا يعلم بالعيب فإنك ترد هذه الإجارة وتفسخها وتأخذ حقك كاملاً. إذاً: الأمر لا يتوقف على البيع ولا على الشراء، بل يشمل العقود التي تتعلق بالمعاملات مما هو محلٌ للوكالة. (فإن جهل ردّه). أي: الوكيل، فإن جهل رد المبيع، وذلك للقاعدة والأصل الذي ذكرنا: أن العيب يوجب الرد. تذكرون في آخر الفصل الماضي أنه ذكر المصنف مسائل قال فيها: (ومن وكله أن يبيع حالاً فباع مؤجلاً، أو وكله أن يبيع مؤجلاً فباع حالاً، أو يبيع بنقد البلد، فباع بغيره)، ذكرنا هذه المسائل، وهذه المسائل كلها تدور حول مخالفة الوكيل للوكالة، ومخالفة الوكيل للوكالة: إما أن يخالف لفظ موكله، وإما أن يخالف عرفاً جرى بالوكالة، ومن هنا تأخذ هذا المثال في قوله رحمه الله: (ومن اشترى معيباً) وتخرج منه قاعدة وهي: (أن إطلاقات الوكالة في العقود مصروفةٌ إلى الصحيح، وأن إطلاق الوكالة في المحل مصروف إلى السليم). (إطلاقات الوكالة في العقود) يعني: إذا وكلته ليشتري فينبغي أن يشتري شراءً صحيحاً خالياً من موجبات الفساد، فإطلاقات الوكالة في المحل والثمن والمثمن والصيغة في العقد ينبغي أن يكون سليماً. فممكن أن يأتي شخص ويقول: قال لي شخصٍ خذ هذه العشرة واشتر لي نسخةً من صحيح البخاري، فذهب واشترى نسخةً معيبة وجاء بها لصاحبه، فقال له الوكيل: لا أريد هذه النسخة، فإن الوكيل سيقول له: أنت وكلتني أن أشتري وقد اشتريت لك -لاحظ: أنت وكلتني أن أشتري وقد اشتريت- ما قلت سليمة أو غير سليمة، فتقول: هذا الإطلاق وإن كان باللفظ، لكنه مقيدٌ بالعرف أي: أن يكون سليما؛ لأن العرف أن هذا لا يكون إلا بشراء السليم السالم من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير