تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يضعه عند شخصٍ ما وديعةً، فإن المودَع لو أنكر الوديعة لم يستطع أحد أن يطالبه، فليس هناك شيء يدل على الوديعة؛ ولذلك يقولون: إن إذن الموكل بدفع المال وديعةً عند شخصٍ آخر يستلزم أن تكون يده يد أمانة، فقد رضيه أميناً، وإذا رضيه أميناً فيد الوكيل خرجت. بعبارةٍ أخرى: الآن عندنا صالح، وعندنا وكيل وموكل، الوكيل عنده خمسون ألف ريال مثلاً، فقال الموكل لوكيله: خذ هذه الخمسين ألفاً وأعطها صالحاً وديعةً عنده، فصار عندنا موكِّل، وعندنا موكَّل، وعندنا مودَع، فالموكِّل صاحب المال، والوكيل هو الشخص الذي ينقل الخمسين إلى صالح، والمودَع هو صالح، فحينما اختار الموكِّل صالحاً من أجل أن يودع عنده المال فقد رضي أمانته، وحينما اختار الوكيل لحملٍ المال فالوكيل أمين، ولا يضمن، فحينئذٍ كأنه رضي الطرفين. وبناءً على ذلك: انتقال المال من الوكيل إلى المودع لم يحدث شيئاً جديداً، بحيث إنه انتقل من يد إلى يد، لم ينتقل من يد ضمان، ولا من يد ضمان إلى يد أمان، فاليد هي واحدة، فهو ينقل بين شخصين رضي أمانتهما، وبناءً على ذلك: لو لم يشهد هذا الوكيل فنقول: إنه لم يفرط؛ فالتفريط وقع ممن وكله؛ فالذي وكله رضي هذا الشخص من أجل أن يحفظ المال، ورضيه أيضاً لأمانته فحينئذٍ لنا الظاهر؛ لأنه مقر بأنه أمين بدليل أنه دفع المال إليه، فالأصل أنه سيقوم بالأمانة ويؤديها على الوجه المطلوب، فإذا قال: دفعت إليه ولم يشهد، فأنكر صالح الخمسين ألفاً، وقد علم الموكِّل أن الوكيل أوصلها، فأنكر صالح، فيرد السؤال، كان المفروض أن يحتاط الوكيل ويشهد على الأصل الذي قررناه أن الوكالة تستلزم الاحتياط، قالوا: لا يضمن الوكيل في هذه الحالة؛ لأن إذن الموكِّل بطرح المال أو دفعه إلى المودع وهو صالح يدل على رضاه بالأمانة؛ ولذلك لا يضمن، وسيأتي -إن شاء الله- بيان كون الوديعة يدها يد أمانة في باب الوديعة. ...... الأسئلة ...... مسألة (ضع وتعجل) في الديون والتقسيط السؤال: إذا قال صاحب الدين للمدين: إن عجلت في دفع الدين نقصت عنك كذا، فما الحكم إذا كان هذا الاتفاق في مجلس العقد أو بعده؟ الجواب: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: إذا قال صاحب الدين للشخص المديون: عجل بالمال أسقط عنك نصفه، أو أعطاه مائة ألف وقال له: إن دفعت لي تسعين ألفاً سامحتك في عشرة آلاف، وكان هذا قبل حلول الأجل، فذهب طائفة من أهل العلم رحمهم الله إلى جواز ذلك في الأصول، وبه أفتى حَبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، واختار هذا القول جمعٌ من المحققين كالإمام ابن قدامة كما نص عليه في المغني وغيره، أنه يجوز أن يُسقط رب المال جزءاً من الدين ويتعجل الدين، وقد ثبت ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حينما أجلى بني قريظة فإنهم قالوا: يا محمد! أموالنا عند أصحابك فقال عليه الصلاة والسلام: (ضعوا وتعجلوا) فدل هذا على مشروعية (ضَع وتعجل) في هذه الصفة أنها مستثناة. الحالة الثانية: وهي أن يكون البيع بالتقسيط، وتتركب الزيادة بالأجل، فيقول له: هذه السيارة على سنتين ثم يأخذها، وتكون هناك زيادة بقدر خمسة آلاف ريال مقابل السنتين، فيأتي عند نهاية السنة الأولى ويقول له: عجل وأسقط عنك ربح السنة الثانية هذا لا يجوز؛ لأنه من (ضع وتعجل) على الأصل الذي ورد به دين الجاهلية، وكانت الديون المستفادة مركبة بالآجال، ولذلك لا يجوز في بيع التقسيط؛ لأن المسامحة هنا مقابل الأجل، ولكن هناك في الأصل يجوز له أن يخلي يده من أصل المال فجاز له أن يسامحه عن كله أو بعضه، وتوضيح ذلك أكثر: أنه حينما يكون أصل المال الذي لك على المديون مائة ألف ريال، فإن من حقك أن تسامحه في المائة كلها، ويجوز لك أن تسامحه عن بعضها، فأنت إذا قلت له: عجّل التسعين ألفاً وأسامحك بالعشرة، فقد أسقطت شيئاً من مالك؛ لأن الديون تستحق بالأصل، وقد بينا هذا في باب القرض، وفي هذه الحالة حينما تكون المائة ألف كلها ملكاً لك، لم يكن شيء من المائة مركباً على أجل، بخلاف بيع التقسيط، فبيع التقسيط حينما قسط على سنة زاد زيادة متعلقة بالسنة وقسط على سنتين فزاد زيادةً تناسب السنتين، فحينما يأتيه في أثناء دفع الأقساط ويقول له: عجّل وأسقط على الشرطية، أو يأتي من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير