هناك محاولات الآن للقول بالتطوير: تطوير الإسلام أو تطوير الشريعة الإسلامية، والتطور لا يدخل إلا على الأشياء التي أنشأها الإنسان لأنها تعجز عن أن تستمر مع تغير الأزمان ولذلك فقد تعرضت عقائد ومذاهب وإيديولوجيات كثيرة للتطور إما بالنسبة للدين الحق، الذي صاغه خالق الإنسان وفق علمه الواسع بطبيعة الإنسان، وتحولات المجتمعات فإنه لا يخضع للتطور. وهناك أسسه القائمة الثابتة التي لا سبيل إلى الاجتهاد حولها، ولكن الإسلام مع ذلك يعتبر الاجتهاد قاعدة أصلية في المتغيرات وفي الفروع، أما محاولة البعض في تبرير الحضارة والمجتمعات الغربية القائمة فإن ذلك مما لا يقره الإسلام، كذلك محاولة استخدام الإسلام لإقرار مذهب معين من الديمقراطية أو الاشتراكية، فإنه مما يتعارض مع ذاتية الإسلام التي تتمثل في منهج متكامل له أبعاده واستقلاليته.
وما أكثر محاولات التشكيك والاحتواء! وما أكثر اختلاف المناهج وتفسيرات القيم! وكل منهج مرتبط بثقافته وعقائده وتحدياته التاريخية. ومن المستحيل أن ينقل مجال المعركة أو التحدي من أمة إلى أخرى أو من ثقافة إلى أخرى.
والفكر الإسلامي لا يعرف العنصرية ولا يعرف التفرقة بين الدين والمجتمع، ولا يعرف عزلة الإنسان عن المجتمع باسم العبادة. وهو يربط الفرد بالمجتمع والمجتمع بالفرد، ويؤمن بالله، والتدين جزء من الطبيعة البشرية، وأن الإنسان جامع بين العقل والروح، وأنه ليس روحاً خالصة، ولا عقلاً خالصاً وأن له رغباته المادية وتطلعاته الروحية في إطار ضوابط قصد بها حماية الإنسان نفسه من الانهيار.
والحرية في مفهوم الإسلام هي التحرر من قيد الوثنية والجهل والخرافة والتقليد ومن أهم ما دعا إليه الإسلام المطابقة بين الكلمة والسلوك.
وينكر الإسلام عبادة الجسد وتقديس الشهوة، وتأليه الأبطال والعظماء، وقد فرق الإسلام بين المعارف الجوهرية والمعارف غير الجوهرية.
وأن أبرز مفاهيم الإسلام الذي انتصر بها هو أن قيمة وحدة متكاملة لا يصح تجزئتها أو تفتيتها، أو الأخذ بنوع منها دون الآخر أو إعلاء عنصر منها على مختلف العناصر فكل يؤثر في الآخر ويتأثر به، ولقد عمل الإسلام على تحرير أتباعه من التأثير الأجنبي بكل أنواعه ودعا إلى اليقظة إزاء الحرب النفسية والشبهات والمحاولات التي تهدف إلى تغيير المعالم الأصلية. وقد ربط الإسلام بين العقيدة والتطبيق، وقرن العلم بالعمل، ورفض مبدأ العلم لذاته، وقرر أن العلم إنما يطلب من أجل العمل به والاستفادة منع في تحسين الحياة الإنسانية وتقدمها.
ومن أبرز مفاهيم الإسلام: الوضوح الصادق حيث لا تأويل ولا كناية ولا غمغمة، وحيث لا يحمل اللفظ أكثر مما يطيق، أو يؤدي أكثر من معنى وحيث الحق والباطل باطل.
وقد ألغى الإسلام الفكرة التي تقول بأن هناك صراعاً بين الروح والجسم، وأعلن أن الروح والجسم متكاملان، ودعا إلى الاهتمام بهما معاً.
وأن من أبرز مفاهيم الإسلام التي تميزه تميزاً واضحاً في مجال الفكر البشري كله أن الإسلام فصل بين الله والعالم، وفصل بين الإلوهية والنبوة، وفصل بين الإلوهية والبشرية، وألغى الوساطة بين الإنسان وربه، وأمكر سقوط التكاليف الشرعية عن أي إنسان مهما بلغ قدره من الإيمان. وبذلك أسقط الإسلام نظريات وحدة الوجود والحلول والاتحاد، وحرر الفكر من الأساطير.
وقد أسقط الإسلام نظريتين باطلتين: الأولى أن الناس كانوا وثنيين في الأصل ثم عرفوا التوحيد، وأن الدين ينشر بالظروف المادية والعوامل الاقتصادية.
والإسلام في حقيقته منهج وليس نظرية: منهج متكامل يستهدف تحقيق إقامة المجتمع الإنساني الرباني المصدر وما يزال ارتباط الإسلام بمنابعه الأصلية من القرآن والسنة. ونصه الموثق هو العامل الأول والأكبر الذي يحول دون سقوطه في هوة الانحراف، والذي يعطيه القدرة على استعادة تشكيل نفسه بعد الأزمات وفي مواجهة التحديات. وأن وضع الإسلام تحت ضوء أي منهج من المناهج المستمدة من الفكر المادي تعجز عن استيعاب حقيقته وأبعاده. وأن علم الأديان المقارن لا يستطيع أن يعالج الإسلام كبقية الأديان دون اعتبار أن هذا الدين هو دين الله، وأنه ليس من صنع البشر، وأنه فوق أهواء المذاهب والنظريات والفلسفات والمناهج البشرية، وهو يستمد أصالته من مصدره الرباني أولاً، ويتجاوب في نفس الوقت مع الفطرة والعقل والعلم، ولا يتعارض مع الطبيعة البشرية أو يضادها.
في ضوء هذا الإطار يستطيع الشباب المسلم أن يجد الضوء الكاشف لمعرفة الفكر الصحيح من الفكر الزائف، فيما يطرح الآن في السوق من كتابات وآراء ونظريات.
ويبقى أن يعرف شبابنا المسلم: ما هو الدور الذي أداه أجداده وتاريخه للبشرية في مجال الحضارة الإنسانية والتمدن البشري وموعدنا به في بحث فقادم.
ـ[يوسف الرفاعى]ــــــــ[11 - 02 - 10, 10:20 ص]ـ
ن الكاتب الذي يصطفيه الشباب المسلم هو القادر على أن يقول الحق، وأن ينصح للأمة، وأن يدل على الطريق الصحيح.
وأن أخطر أخطاء الكتاب هو التعصب الخفي المستور وراء مظاهر المنهج العلمي، بينما تبدو الأحقاد واضحة ليست في حاجة إلى من يكشف عنها.
وأن أكبر أخطاء الكتاب العجز عن النظرة الكلية والكلمة المنصفة.